قراءة في الانتخابات الاسرائيلية
الدكتور عادل عامر
هو الخاسر الأكبر، والوجه غير المرغوب به إسرائيلياً في قيادة الحكومة. فرغم خوضه حرباً ضارية على غزة، أسرف فيها في قتل الفلسطينيين، إلاّ أنّ إيهود باراك مني بهزيمة انتخابية مريعة، ليست بعيدة عن عجز جيشه في ميدان المواجهة مع المقاومة الفلسطينية في القطاع طوال حرب الأيام الثلاثة والعشرين. تدهور حزب "العمل"، إلى قاعه التاريخي، بتراجعه إلى المرتبة الرابعة في السلّم الانتخابي، ليصبح في مصاف أحزاب الدرجة الثانية أو الثالثة، من قبيل "شاس".لم يبق لحزب "العمل" ما يراهن عليه سوى أن يتمكن حزب كبير في المقدمة من انتشاله والإنعام عليه بمقاعد حكومية. لم يتصوّر مؤسسو "مابام" ثم "العمل" أنّ حزبهم الذي قامت الدولة العبرية على أكتافه سينتكس على هذا النحو المذهل، ويمكن للديمغرافيا أن تفسِّر جانباً من هذا الانهيار. فعبر الستينيات والسبعينيات تزايدت نسبة المهاجرين اليهود الشرقيين (السفارديم) في فلسطين المحتلة، على حساب اليهود الغربيين ذوي الامتيازات والحظوة (الأشكناز). وبينما كرّس حزب "العمل" ذاته كبيت سياسي للنخبة الغربية التي تتبوّأ مواقع القيادة وتفرض حضورها في النصف الأعلى من الهرم الاجتماعي؛ اتجهت أصوات الشرقيين المتزايدين إلى حزب "الليكود"، الذي حقق فوزاً مدوياً في انتخابات 1977. ومن بعد توجّه اليهود الشرقيين المتدينين (الحريديم) إلى تأسيس بيت سياسي لهم هو حزب "شاس" الذي ظلّ يركِّز على القضايا المطلبية لقاعدته الانتخابية، علاوة على مزايداته السياسية في قضايا التسوية والمفاوضات. وتواصل ضعف "العمل"، وترهلت مؤسساته التي تعيش اليوم وضعاً مزرياً. لكنّ الصدمات التالية جاءت مع هجرة اليهود ومن يُشكّ في يهوديتهم من الاتحاد السوفيتي السابق، ليمثلوا ثقلاً موازياً لليهود الشرقيين. هكذا تأسس حزب "إسرائيل بيتنا" الذي يمثل البيت السياسي للمهاجرين الروس، والذي تمكن من استباق "العمل" في هذه الجولة الانتخابية (2009). لكنّ الديمغرافيا ليست وحدها المسئولة عن انتكاسات حزب "العمل". فالحزب ظلّ يشهد ضموراً قيادياً منذ اغتيال إسحق رابين في سنة 1995. لم تفلح الوجوه المتعاقبة سوى في حصد الإخفاق، سواء شمعون بيريز، أو إيهود باراك، أو عمرام متسناع، أو عامير بيرتس، وصولاً إلى باراك مجدداً. كل هؤلاء أخفقوا في قيادة العمل، ومن تقلد منهم قيادة الحكومة أو منصباً بارزاً فيها، تراجع إلى الهامش. وفي تجربته في رئاسة الحكومة خلال السنوات من 1999 وحتى 2001، لم ينجح إيهود باراك في التوصل إلى اتفاق حسب الشروط الإسرائيلية مع قيادة السلطة الفلسطينية، ما أدى إلى انهيار مباحثات كامب ديفيد الثانية في نهاية صيف سنة 2000. كما أنّ باراك أخفق في احتواء "انتفاضة الأقصى" التي تفجّرت على إثر ذلك، مفسحاً بذلك الطريق لمجيء آرائيل شارون الذي