آداب الشراب
أ- التسمية والحمد والشرب ثلاثا: لما ورد عن ابن عباس (رضي الله عنهما) قال: قال رسول الله {لا تشربوا واحدا كشرب البعير، ولكن اشربوا مثنى وثلاث، وسموا إذا أنتم شربتم، واحمدوا إذا أنتم رفعتم} ( ) أي انتهيتم من الشرب.
ب- كراهية الشرب من فم السقاء: لما روى أبو هريرة رضي الله عنه) -: {نهى رسول الله أن يشرب من في السقاء أو القربة} ( ) ولا يخفى ما في ذلك من الفوائد الصحية حيث لا يرى الإنسان ما بداخل السقاء، فقد يوجد فيه ما يضره فينساب إلى بطنه، وكذلك قد ينزل من فمه هو بالماء فيضر بالآخرين، كما أن النفس تعاف هذا الشرب.
ج- كراهية النفخ في الشراب: لما ورد عن ابن عباس (رضي الله عنه): {أن الرسول نهى أن يتنفس في الإناء أو أن ينفخ فيه} ( ) .
د- استحباب الأكل والشرب في حالة الجلوس: لما روى أنس (رضي الله عنه) عن النبي {أنه نهى أن يشرب الرجل قائما، قال قتادة: فقلنا لأنس: فالأكل؟ قال: ذلك أشر} ( ) أما ما صح عنه أنه شرب قائما فلبيان الجواز، كأن يكون الشارب في حالة يكون الشرب قائما أفضل من الشرب جالسا كشربه عليه الصلاة والسلام من ماء زمزم تحقيقا لمبدأ اليسر ورفع الحرج.
هـ- النهي عن الشرب من آنية الذهب والفضة: لما رواه مسلم: {من شرب في إناء من ذهب أو فضة فإنما يجرجر في بطنه نارا من جهنم} ( ) وذلك لما يسببه استعمال هذه الآنية من جرح لكرامة الفقراء والمساكين، ولما فيه من مظاهر الكبر والاستعلاء.
و- النهي عن ملء المعدة في الأكل والشرب: لقوله {ما ملأ ابن آدم وعاء شرا من بطنه: بحسب ابن آدم لقيمات يقمن صلبه. فإن كان لا بد فاعلا، فثلث لطعامه وثلث لشرابه، وثلث لنفسه} ( ) وقد ذكر العلماء أضرارا كثيرة للشبع وملء البطن من الناحية الصحية وغيرها مثل: قسوة القلب، والتجرؤ على المعاصي، وعدم الشعور بحاجة الآخرين، والتبلد الى غير ذلك مما لا يسع المجال لذكره.
ز- استحباب أن يكون ساقي القوم آخرهم شربا: لما في حديث قتادة (رضي الله عنه): {ساقي القوم آخرهم} ( ) يعني (آخرهم شربا) .
ح- الشرب باليمين: لما أوردناه من الأدلة في فضل اليمين والبدء بها في الأمور المحمودة من أكل ولباس ودخول مسجد ونحو ذلك. والشرب كالأكل. وقد ورد في أدلة أخرى أن الشيطان يأكل ويشرب بشماله، ولذا كان النهي عن الأكل أو الشرب بالشمال.
ط- أن يشرب القوم الأيمن فالأيمن: لما ورد في حديث أنس (رضي الله عنه): {أن رسول الله أتي بلبن قد شيب بماء، وعن يمينه أعرابي، وعن يساره أبو بكر (رضي الله عنه) فشرب، ثم أعطى الأعرابي، وقال: (الأيمن فالأيمن)} ( ) .
فتبين من هذا الحديث أن السنة في تقديم الشراب والضيافة وغيرها أن يبدأ بأجلّ من في المجلس، ثم من على اليمين وهكذا. وإن تساوى من في المجلس يبدأ بمن على يمين المضيف، وإن كان أحدهم قد طلب ماء فيبدأ به ثم بمن على يمينه، وإن كان من على اليسار في جميع الحالات أفضل من غيره. وورد في حديث آخر ما يدل على جواز استئذان صاحب الحق بتقديم غيره عليه إن كان له فضل عليه وعلم أنه لا يتأذى من هذا الاستئذان حيث استأذن رسول الله ابن عمه عبد الله بن عباس (رضي الله عنهما) أن يقدم عليه أشياخا كانوا على يسار النبي . ولم يستأذن الأعرابي في الحديث الآخر لأن الأعرابي كان حديث عهد بالإسلام، وربما تأذى من ذلك.