تعليم المرأة والاختلاط
الدكتور عادل عامر
**لم يعد في العالم الإسلامي من يناقش حق المرأة في التعليم لكن الملاحظ هو التوافق الشديد بين تعليم المرأة وتعليم الرجل لدرجة أن المناهج الخاصة لأي من الجنسين لا تكاد تذكر إذا قيست بالمناهج العامة المشتركة التي تجعل الطالب ذكرا أو أنثي يثق بالعلم ثقة لا تقبل الشك وان معلوماتة قاطعة وصار العلم في ضمير كليهما بمثابة الإله الذي لا تتم الحضارة إلا به وقد أدت هذة القدسية إلي أن يغدو الدين ضئيلا في حياة الطالب ضعيف التأثير والأثر ويصير مجرد إحساس في المجال العاطفي والوجداني بينما احتل العلم المجال الفكري والعلمي هذا عند من لم تزغ عقائدهم وقلوبهم وفي ظل هذا التأثير والمفهوم أصبح الطالب يحس أن المنهج الديني مجرد منهج ظني لأنه يقوم علي التجربة فلا يجد حرجا من أن يناقش كثيرا من المسلمات الإسلامية أما المنهج العلمي فهو منهج يقيني يقوم علي التجربة ومن اجل ذلك فهو لا يناقش أبدا خبرا يطلق علية الناس ( العلم ) ولو كان مختلفا علي ثبوتة وإذا كانت الحتمية العلمية التي سادت أوربا في القرن التاسع عشر قد انتهت من تاريخ العلم الحديث فان ظلالها المقيتة لا تزال تتثبت بأفكارنا في الشرق الإسلامي ولا تزال تؤمن بحتمية العلم ونتائجة الذي أصبح مجرد وسيلة لتكوين الإنسان الموظف حتى في الدراسة العلمية والعملية ومن اجل هذا ضعف الإبداع لعدم توفير وسائل الإبداع للطاقات العلمية فمكثنا عالة علي غيرنا أما الدين فيباح الحديث والجدل في ضروراتة في صحتة أو عدم صحتة لقد كان من أهم أهداف المنهج الغربي في التعليم أن نكون موظفين في الدولة لا مخترعين في المعامل وان يضع المرأة بجانب الرجل وان يخرجها من البيت مملكتها الخالدة لتترك أولادها إلي المحاضن التي تفتقد حنان الأمهات وإذا كان الأصل أن تقلد المرأة في الغرب فقد يئست المرأة الغربية من تجربة الخروج من مملكة بيتها ويقول احد العلماء الغربيين أن الأصوات تتعالي يوما بعد يوم شاكية من الأعباء التي ينوء بها كاهل المرأة أعباء المهنة وتدبير المنزل والعائلة بحث أن وضع المرأة هذا لم يعد يطاق فكما كان تشغيل الأطفال قبل مائة عام وصمة عار في نظامنا الاجتماعي فكذلك يعتبر اليوم اشتغال المرأة
** وتأتي المرأة المتعلمة من خلال صفوف دراسة مختلطة ويمكن أن نقول بدون حرج أن التعليم المختلط اتجاه جارف لدي الدول الإسلامية والخطر يبدأ من أولي مراحل التعليم فالطفل يلتحق بالصف الأول الابتدائي في سن السادسة وهي سن التمييز لدية يعي ما حوله ويتعلق بالاختلاط الذي يصوره شيئا طبيعيا ويقيم صداقاته علي أساس هذا المفهوم لديه ويبني علاقته مع صديقه إذا تبين علاقتها مع صديق وتكون بينهما حياة مشتركة ثم يحاول أن يواصل هذة العلاقة بعد انتهاء مرحلة الاختلاط الأولية ويشعر بمرارة الفراق وكأنه فقد عزيزا لدية ويتحجج دعاة الاختلاط في المرحلة الأولي من التعليم بأن الأطفال ليس لديهم إلا مشاعر فطرية بعيدة عن الجنس وحجتهم مثل حجة الذي يتحدث بمنافع الخمر وينسي أثمها الكبير لقد ربينا الطفل منذ نعومة أظافرة علي الاختلاط وزرعناه في كيانه ثم منعناه من الاختلاط حين أصبح الاختلاط رغبة في كيانه لتتحول في نظره أعداء له لأننا حرمناه مما تعود عليه
** أن القضيتين يجمعهما مفهوم واحد فقد خرجنا بالمرأة من البيت حيث يجب أن تبقي راعية ومربية للأجيال الغد وزرعنا في الطفل نزعة الاختلاط لنحصد تلك الآثار السلبية التي نحصدها اليوم من انفلات تام بين الشباب وانعدام الترابط الأسري وفقدان الولاء لكل شئ وأشياء كثيرة يضيق بها المجال وتناولها من أشفقوا ولا يزالون يشفقون علي المستقبل من تجاهل الضرورات القومية والاجتماعية والدينية والتربوية والاقتصادية حين سلكنا هذة الطريق ولابد من عودة إلي الأصول التي كانت عليها فطرتنا الإسلامية 0
------------------------------------
هذا المقال نشر للكاتب في جريدة الجمهورية ( اليومية المصرية ) بالعدد رقم 11567 والصادر صباح يوم السبت الموافق 31/8/1985 الموافق 15 من ذي الحجة سنة 1405