كيف أعيش للإسلام:
وكيفما تكون حياتي موجهة في طريق الإسلام، ومن أجل الإسلام، لا بد من ادراك جملة أمور والالتزام بها، من ذلك:
1- ادراك الغاية من الحياة: {وما خلقت الجن والإنس إلا ليعبدون} سورة الذاريات الآية: 56 {وهو الذي خلق السموات والأرض في ستة أيام وكان عرشه على الماء ليبلوكم أيكم أحسن عملاً} سورة هود الآية: 07.
2- ادراك قيمة الدنيا من الآخرة: {أرضيتم بالحياة الدنيا من الآخرة؟ فما متاع الحياة الدنيا في الآخرة إلا قليل} سورة التوبة الآية: 38. {ذلك متاع الحياة الدنيا وما عند الله خير وأبقى} ولقد روي أن رسول الله صلى الله عليه وسلم وقف يوماً على (مزبلة) ونادى أصحابه قائلاً: هلموا الى الدنيا، ثم أخذ خرقة قد بليت وعظاماً قد نخرت وقال (هذه هي الدنيا).. ورأى رسول الله صلى الله عليه وسلم يوماً (شاة) ميتة قد رماها أصحابها. فالتفت إلى أصحابه قائلاً (أرأيتم كيف هانت هذه على أهلها؟ والله للدنيا أهون على الله من هذه على أهلها، ولو كانت الدنيا تساوي عند الله جناح بعوضة ما سقى منها كافراً شربة ماء) وقال (اقتربت الساعة، ولا يزداد الناس على الدنيا إلا حرصاً، ولا يزدادون من الله إلا بعداً) وقال (الدنيا سجن المؤمن وجنة الكافر)[2].
3- ادراك حتمية الموت والاتعاظ به: {كل من عليها فان ويبقى وجه ربك ذو الجلال والإكرام} سورة الرحمن {كل نفس ذائقة الموت وإنما توفون أجوركم يوم القيامة فمن زحزح عن النار وأدخل الجنة فقد فاز وما الحياة الدنيا إلا متاع الغرور} سورة آل عمران، ولقد روي عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه قال (أكثروا من ذكر هاذم اللذات ومفرق الجماعات)[3] وقال أبو ذر الغفاري رضي الله عنه، قلت يا رسول الله: فما كانت صحف موسىعليه السلام؟ قال (كانت عبراً كلها: عجبت لمن أيقن بالموت ثم هو يفرح – عجبت لمن أيقن بالنار ثم هو يضحك – عجبت لمن أيقن بالقدر ثم هو ينصب – عجبت لمن رأى الدنيا وتقلبها بأهلها ثم اطمأن اليها – وعجبت لمن أيقن بالحساب غداً ثم لا يعمل؟)[4] وروي عن أبي هريرة رضي الله عنه قال، خرجنا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم في جنازة، فجلس الى قبر منها فقال (ما يأتي على هذا القبر يوم إلا وهو ينادي بصوت ذلق طلق، يا ابن آدم نسيتني؟ ألم تعلم أني بيت الوحدة وبيت الغربة وبيت الوحشة وبيت الدود وبيت الضيق الا من وسعني الله عليه؟ ثم قال: القبر روضة من رياض الجنة أو حفرة من حفر النار)[5].
4- ادراك حقيقة الإسلام: وذلك بالتفقه والتعلم ومعرفة أصوله وأحكامه وحلاله وحرامه.. {وقل رب زدني علماً} سورة الإسراء، ويقول الرسول صلى الله عليه وسلم (إنما العلم بالتعلم والفقه بالتفقه، ومن يرد الله به خيراً يفقهه في الدين)[6] (إن الأنبياء لم يورّثوا ديناراً ولا درهماً، إنما ورثوا العلم، فمن أخذه أخذ بحظ وافر)[7].
5- ادراك حقيقة الجاهلية: وذلك بالتعرف على أفكارها ومذاهبها ومخططاتها واكتشاف مثالبها وعيوبها، وادراك أخطارها وأضرارها ليؤمن مكرها، ولتؤخذ العدة اللازمة لمكافحتها ومحاربتها، وصدق رسول الله صلى الله عليه وسلم حيث يقول (من تعلم لغة قوم أمن مكرهم).
صفات من يعيشون للإسلام:
انني حين أعيش الإسلام وللإسلام لا بد وأن تتسم حياتي بسمات وقسمات تميزها عن حياة سائر الناس.. من ذلك:
أ-الالتزام العملي بالإسلام: ذلك أن الإيمان ليس بالتمني ولكن ما وقر في القلب وصدقه العمل {الذين آمنوا وعملوا الصالحات} {أتأمرون الناس بالبر وتنسون أنفسكم وأنتم تتلون الكتاب أفلا تعقلون؟} {كبر مقتاً عند الله أن تقولوا ما لا تفعلون} يقول حجة الإسلام الغزالي: قصم ظهري رجلان، عالم متهتك، وجاهل متنسك. فالجاهل يغر الناس بتنسكه والعالم يغرهم بتهتكه..؟ ويوصي رسول الله صلى الله عليه وسلم المسلمين فيقول (كونوا للعلم رعاة ولا تكونوا له رواة)[8].
ب- تقصي مصلحة الإسلام لقوله صلى الله عليه وسلم (دوروا مع كتاب الله حيثما دار)[9] وقوله (من أصبح لا يهتم للمسلمين فليس منهم) وقوله (أنت على ثغرة من ثغور الإسلام فلا يؤتين من قبلك) وفي غزوة أحد كان سعد بن الربيع يلفظ أنفاسه الأخيرة وفيه سبعون ضربة ما بين طعنة رمح وضربة سيف ورمية سهم، ومع هذا التفت الى زيد بن ثابت قائلاً (قل لرسول الله إني أجد ريح الجنة.. وقل لقومي الأنصار، لا عذر لكم عند الله ان خلص الى رسول الله وفيكم عين تطرف، ثم فاضت نفسه من وقته).
ت- الاعتزاز بالحق والثقة بالله: وهذه صفة من صفات المؤمنين {ولله العزة ولرسوله وللمؤمنين} {ولا تهنوا ولا تحزنوا وأنتم الأعلون إن كنتم مؤمنين} ويروى أن المهاجرين من المسلمين الذين التجؤوا الى الحبشة فراراً بدينهم دخلوا على النجاشي فابتدرهم من عنده من القسيسين والرهبان ان اسجدوا للملك؟ فقال جعفر بن أبي طالب رضي الله عنه وكان على رأسهم (نحن قوم لا نسجد إلا لله).. وفي التاريخ الإسلامي مئات من مواقف العزة والجرأة والشجاعة سجلها الرعيل الأول من أمثال الخبيب بن عدي وزيد بن الدثنة وربعي بن عامر ومصعب بن عمير وسعيد بن جبير وسعيد بن المسيب وغيرهم ممن يحسن الاطلاع على سيرتهم وتقصي أخبارهم والاقتداء بهم...
التزام العمل للإسلام والتعاون مع العاملين: ذلك أن انتمائي للإسلام يفرض علي أن أعمل للإسلام.. أن أعمل له ضمن جماعة.. أن أتعاون مع العاملين غيري في الدعوة الى الله والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر واقامة الفرد المسلم والبيت المسلم والمجتمع المسلم والدولة الإسلامية وصدق الله تعالى حيث يقول {سنشد عضدك بأخيك} {وتعاونوا على البر والتقوى ولا تعاونوا على الاثم والعدوان} وقوله صلى الله عليه وسلم (المسلم للمسلم كالبنيان المرصوص يشد بعضه بعضاً) (يد الله مع الجماعة وإنما يأكل الذئب من الغنم القاصية) (عليك بجماعة المسلمين وإمامهم) وقوله (الجماعة بركة) وقوله (الجماعة رحمة والفرقة عذاب).