الصداقة.. أريج الهناء!
(لزهرة الحياة رحيق عذب، يرتشفه سكان الدنيا من فراشات البشر، ليرتووا بهنائها، ويفرحوا بأريجها، وتتنقل أعينهم بين أزهى ألوان زينت هذا الوجود.. زهرة تظهر براعمها مع بدايات إدراك الإنسان، لتنتهي به تحت ظل عرش الرحمن يوم لا ظل إلا ظله.. فما أروع الأخوة في الله سبحانه..
معان سامية، تعلو فوق بخار المجاملات وتتجلى رغم زبد المصالح الدنيوية، لتتراءى لنا غيمة خير لا تأتي إلا بخير، ودرة نادرة في محارة المحبة الحقيقية..
فالأخوة والصداقة نبض للقلوب، صعب لها الحياة بدونه، لاسيما لدينا نحن الفتيات..
فلنر سويا آراء بعض الأخوات عن "الصداقة"..
ففي الصداقة تقول بدرية م (طالبة ثانوية):
باختصار.. الصداقة هي كل شيء..
أما أ . الجوهرة ع. (مسئولة شؤون الطالبات بإحدى الجامعات)، فتقول: لا يمكن لإنسان العيش وحده، فهو اجتماعي بطبعه، فتجدين الطالبة مثلا من أول يوم لها في مدرستها الجديدة، أو جامعة هي مستجدة فيها، تهرع إلى الطالبات وتحاول أن تبدأ أي حوار، لينتهي هذا اليوم وقد تبادلن الأرقام.. وقد تفاجئين بها في اليوم التالي تقدمها للناس بـ "صديقتي"!!
أود أن أوضح لبناتي الطالبات أن الصداقة شيء عظيم جدا، وأكبر من معرفة لحظات، فليس عيبا ولا إهانة لو قلت عنها زميلتي، بل هذا هو الوضع الطبيعي والمناسب.. أنا لا أحصر الصداقة بعمر زمني محدد، ولكن ما أحب توضيحه أنه ليست كل علاقة صداقة و "قل لي من تصاحب أقل لك من أنت"، فالصاحب ساحب، والمرء يعرف بخليله..
كما أن الزمالة علاقة جميلة تربط بين من تجمع بينهم ظروف مثل العمل والدراسة وما شابهه، لكن لا تخلطن بينها وبين الصداقة، فهي أسمى من مجرد مصالح مشتركة.
لمار (أم جنة - جامعية) تقول: عوضني الله عن كل صدماتي ومعاناتي بصديقة عمري "جنة"، فمهما تكلمت عنها لا أملك إلا أن أصفها بأنها المعنى الحقيقي للصداقة الحقيقية والأخوة الرائعة في نظري، فلم و لن أندم بإذن الله على أن سميت ابنتي البكر على تلك النادرة.
· اتفقنا جميعا على أن الصداقة شيء عظيم، فما هي مقوماتها في نظرك؟
ملوك (طالبة ثانوية): أحب أن تكون صديقتي مخلصة ومن نفس عمري، وأراها دائما، وهذا يكفيني لأعتبرها أقرب من نفسي.
أما منى (موظفة) فتقول: أنا بطبعي أثق في أناس كثر، فأصدم بالكثير، ويبقى حولي القليل.. حاليا ليس لي إلا صديقة واحدة. وأهم مقومات الصداقة بالنسبة لي أخلاق صديقتي، فالصاحب ساحب، وأن تكون متفهمة ولأبعد الحدود وتتمكن من نصحي حيث إني متهورة بعض الشيء.
لمار: بعد تأكدي من استقامة من سأتخذها صديقة، أحب فيها الإخلاص والصدق وقبل هذا الثقة المتبادلة، ولا ننسى أن الاحترام أساس كل العلاقات الإنسانية..
أما بدرية فرأيها مختلف: تكون معي بالصف لئلا نفترق كثيرا، وأخلاقها جيدة فلن أغامر بسمعتي قط.
· عند اختلاف وجهات النظر، ما هو موقفك؟
لمار: ببساطة، اختلاف الرأي لا يفسد للود قضية، أحترم رأيها كما تعودت منها عدم تهميش رأيي.
ملاك: صفة متأصلة فيني العناد وحب فرض رأيي، قد يزعج بعض صديقاتي المقربات لكن اعتدن مني ذلك، وأصبحن بارعات في إقناعي أو حتى تغيير الموضوع.
ملوك: لكل واحد له رأيه، لكن ليس من حق أحد فرض رأيه و إلزام غيره به.
غدير (طالبة دراسات عليا): أقنعها وتقنعني، فإن اقتنعت كان بها، وإن لم تقتنع، فلن أتمسك برأيي السابق، فالحق قد يكون معها أو معي.
· كلنا معرضون للخطأ، فما موقفك إن أحسست أنك أخطأت في حق صديقتك؟
أمل (طالبة في المرحلة المتوسطة): تعودت أن أعتذر، سواء كنت أنا المخطئة أم هي، فقط لا أريد أن أخسر صديقتي الوحيدة.
وبالنقيض تماما تقول ملاك: يستحيل أن أعتذر، أعترف أنها عادة سيئة، وأتمنى فعلا تركها.
وتوافقها بالرأي منى بقولها: لا يمكن أن أعتذر بسهولة، قد أعتذر بأساليب يعرفنها المقربات مني، لكن أصعب ما يكون النطق بـ "أعتذر".
وتناقض الجوري (طالبة جامعية) كلا من الآراء السابقة، فتقول: أبادر بالاعتذار، فهي أغلى من أن أفرط فيها لمجرد عناد طفولي وكبرياء لا معنى له ما دمت أنا المخطئة، بل أحافظ على كرامتها وكرامتي بالاعتذار كما ينبغي.
· اعتذرت منك صديقتك وطلبت السماح، بعد جرح عميق تسببت لك فيه، فما موقفك هنا من (صديقتك) واعتذارها؟
تقول منى: شخصيا سأسامح ولكن لن أنسى، فالأولى بيدي أما الثانية فلا.
أما الجوري فتقول: شخصيا لا أعتذر إلا إن كنت فعلا نادمة ومتأكدة أني مخطئة، وإن لم يقبل اعتذاري أشعر بالخذلان، ومن جانبي لن أخذل صديقتي وإن كلفني ذلك حياتي فكيف إن كان الأمر بيدي؟! "عامل الناس كما تحب أن تعامل".
ختاما نسأل المولى جل وعلا أن يديم علينا صداقاتنا نعمة لا نقمة، تحسب لنا لا علينا، ورفقاء إلى ظل عرش الرحمن ومنابر نور يغبط عليها الأنبياء والشهداء.. آمين يا رب العالمين.