تحت راية السنة شبهات وردود
الدكتور عادل عامر
يتخفون تحت دعاوى وأسماء مزخرفة ومنمقة وقد يتباكون على الإسلام وأهله والدين الباطل إذا جادل عنه المجادل ورام أن يقيم عوده المائل أقام الله تبارك وتعالى من يقدف بالحق على الباطل فيدمغه فإذا هو زاهق وتبين أن صاحبه الأحمق كاذب مارق وظهر فيه من القبح والفساد والحلول والاتحاد والتناقض والإلحاد والكفر والضلال والجهل والمحال".تحت راية السنة قال الله تعالى: {قَدْ نَعْلَمُ إِنَّهُ لَيَحْزُنُكَ الَّذِي يَقُولُونَ فَإِنَّهُمْ لَا يُكَذِّبُونَكَ وَلَكِنَّ الظَّالِمِينَ بِآَيَاتِ اللَّهِ يَجْحَدُونَ (33) وَلَقَدْ كُذِّبَتْ رُسُلٌ مِنْ قَبْلِكَ فَصَبَرُوا عَلَى مَا كُذِّبُوا وَأُوذُوا حَتَّى أَتَاهُمْ نَصْرُنَا وَلَا مُبَدِّلَ لِكَلِمَاتِ اللَّهِ وَلَقَدْ جَاءَكَ مِنْ نَبَإِ الْمُرْسَلِينَ} وقال تعالى:{وَلَيَنْصُرَنَّ اللَّهُ مَنْ يَنْصُرُهُ إِنَّ اللَّهَ لَقَوِيٌّ عَزِيزٌ} منذ أن بعث الله محمدًا قبل أكثر من أربعة عشر قرناً ،والحقد اليهودي والصليبي لم يَكُف عن حرب هذا الدين وعن محاولة إلهاء أهله بالدعوات الإلحادية ،التي يتولاها عنهم في غالب الأمر وكلاء من جلدتنا ويتسمون بأسمائنا ؛يتخفون تحت دعاوى وأسماء مزخرفة ومنمقة وقد يتباكون – أحيانا - على الإسلام وأهله. فتارة يَدَّعُون الدِّفاع عن آل البيت ،وحينًا عن القرآن ،وحينًا آخر عن الحرية ،والدعوة إلى التجديد إلى آخر تلك الدعاوى. ولكن من عجيب ما يُرى ويُسمع من المتناقضات أن يَتَسمى المرء بنقيض ما يعتقد ويعمل؛وهو وإن كان من أقبح القبح إلا أنه يزداد قبحًا؛ إذا عُلِمَ أن صاحبه قد سرق هذا الفكر الشائن ممن سبقه من المستشرقين أمثال: جولد زيهر وشبرنجر ، ودوزي ، ماكدونالد....وغيرهم من أئمة الكفر من الرافضة والملاحدة ؛فهم مع ضلالهم أقلّ وأحقر من أن يكونوا أصحاب فكر وإن كان باطلاً. والسبب في شَنِّ المنافقين حربًا بالوكالة عن أعداء الأمة ضد الإسلام ، هو تجارب الأعداء المريرة مع المسلمين ،والتي تفيد أنه لا طاقة لهم بالمسلمين ، ما ظلوا متمسكين بكتابهم وسنة نبيهم الأكرم. فدفعتهم تلك الخبرة ؛ لاتخاذ سلاح التشكيك والضرب في الثوابت ،وقد دققوا في اختيار الوكلاء ؛ليقوموا بالمهمة من غير أن يثيروا الناس عليهم؛ حتى راجت بضاعتهم الماكرة الخبيثة عند ضعاف العقول ؛ فكانت ثمرتها المرة تلك الأوضاع التي يحياها المسلمون. ومن هؤلاء الوكلاء من يتسمون كذبا وزورا بالقرآنيين ،الذين قصدوا إلى الطعن في القرآن والدين كله بالطعن في السنة المشرفة على صاحبها الصلاة والسلام. إن هذه الطائفة الضالة المسماة "القرآنيين" يتزعمها المدعو: أحمد صبحي منصور ذو التوجهات المشبوهة ،والذي يعيش في الولايات المتحدة! ويلقي محاضرات في بعض الجامعات وينشر مقالاته على شبكة الإنترنت ،وهو أحد أقطاب مركز "ابن خلدون" المشبوه أيضًا، والذي أسسه المصري- الأميركي سعد الدين إبراهيم! وكان منصور مدرسًا في جامعة الأزهر ،وفصل منها في ثمانينيات القرن الماضي ؛بسبب توجهاته وإنكاره للسنة النبوية. والحق أن حُجيّة السنة ضرورة عقلية شرعية،لا ينكرها إلا من به آفة في عقله وقلبه وأدلة حجيتها من الشرع الحنيف أكثر من أن تحصر في تلك العجالة، وكتب أهل العلم في القديم والحديث المتناولة لتلك المسألة والمفندة لدعاوى المبطلين كثيرة،وما قصدناه هو إظهار بعض تلك الأدلة لتكون للمؤمنين وللمتحيرين ؛كالمصل الواقي من وباء تلك الطائفة وصدق القائل:
نَزَعوا بِسهمِ قطيعةٍ يهفو به رِيشُ العقوقِ فَكَانَ غيَر سَديدِ
وَإِذَا أَرَادَ الهُي نشرَ فَضِيلَةٍ طُوِيَتْ أَتَاحَ لَهَا لِسَانَ حَسُودِ
لَولا اشْتِعَالُ النَّارِ فِيمَا جَاورت مَا كَان يُعْرَفُ طِيبُ عُرْفِ العُودِ
قال العلامة السعدي في تفسيره عند قوله تعالى:{وَيَمْحُ اللَّهُ الْبَاطِلَ وَيُحِقُّ الْحَقَّ بِكَلِمَاتِهِ}: إن من جملة إحقاقه تعالى الحق، أن يُقَيِّضَ له الباطل ليقاومه، فإذا قاومه، صال عليه الحقّ ببراهينه وبيناته، فظهر من نوره وهداه ما به يضمحل الباطل وينقمع، ويتبين بطلانه لكل أحد، ويظهر الحق كل الظهور لكل أحد".وقال شيخ الإسلام ابن تيمية: ومن أعظم أسباب ظهور الإيمان والدين وبيان حقيقة أنباء المرسلين ظهور المعارضين لهم من أهل الإفك المبين كما قال تعالى: { وَلِتَصْغَى إِلَيْهِ أَفْئِدَةُ الَّذِينَ لَا يُؤْمِنُونَ بِالْآَخِرَةِ وَلِيَرْضَوْهُ وَلِيَقْتَرِفُوا مَا هُمْ مُقْتَرِفُونَ (113) أَفَغَيْرَ اللَّهِ أَبْتَغِي حَكَمًا وَهُوَ الَّذِي أَنْزَلَ إِلَيْكُمُ الْكِتَابَ مُفَصَّلًا وَالَّذِينَ آَتَيْنَاهُمُ الْكِتَابَ يَعْلَمُونَ أَنَّهُ مُنَزَّلٌ مِنْ رَبِّكَ بِالْحَقِّ فَلَا تَكُونَنَّ مِنَ الْمُمْتَرِينَ (114) وَتَمَّتْ كَلِمَةُ رَبِّكَ صِدْقًا وَعَدْلًا لَا مُبَدِّلَ لِكَلِمَاتِهِ وَهُوَ السَّمِيعُ الْعَلِيمُ } سورة الأنعام الآيات (112 - 115 ) ذلك أن الحقَّ إذا جُحِدَ وعُورِضَ بالشبهات أقام الله تعالى له مما يحق به الحق ويبطل به الباطل من الآيات البينات ؛بما يظهره من أدلة الحق وبراهينه الواضحة وفساد ما عارضه من الحجج الداحضة . والدين الباطل إذا جادل عنه المجادل ورام أن يقيم عوده المائل أقام الله تبارك وتعالى من يقدف بالحق على الباطل فيدمغه فإذا هو زاهق وتبين أن صاحبه الأحمق كاذب مارق وظهر فيه من القبح والفساد والحلول والاتحاد والتناقض والإلحاد والكفر والضلال والجهل والمحال ما يظهر به لعموم الرجال أن أهله من أضل الضلال حتى يظهر فيه من الفساد ما لم يكن يعرفه أكثر العباد ويتنبه بذلك من سنة الرقاد من كان لا يميز الغي من الرشاد ويحيى بالعلم والإيمان من كان ميت القلب لا يعرف معروف الذين أنعم الله عليهم من النبيين والصديقين والشهداء والصالحين". اهـ. باختصار أما الأدلة القرآنية القاضية بطاعة الرسول واتباع سنته فمنها: - قوله الله تعالى
مَنْ يُطِعِ الرَّسُولَ فَقَدْ أَطَاعَ اللَّهَ وَمَنْ تَوَلَّى فَمَا أَرْسَلْنَاكَ عَلَيْهِمْ حَفِيظاً) [النساء:80] فجعل الله تعالى طاعة رسوله صلى الله عليه وسلم من طاعته، ثم قرن طاعته بطاعة رسوله ، قال تعالى : ( يـا أيّها الّذين أمنوا أطيعوا الله وأطيعوا الرّسول ) . - ومنها قوله تعالى : ( فليحذر الّذين يُخالفون عن أمرِهِ أَنْ تصيبهم فتنة أو يصيبُهم عـذاب ألـيم) فقد حذر الله عز وجل من مخالفة رسوله صلى الله عليه وسلم ، وتوعد من عصاه بالخلود في النار. - ومنها قوله تعالى: ( فلا وربك لا يؤمنون حتّى يحكمُّوك فيما شجر بينهم ثمّ لا يجدوا في أنفسهم حرجاً مـمّا قضيت ويسلموا تسليماً ) . جعل الله تعالى تحكيم الكتاب والسنة من شروط الإيمان وأن مخالفته كفر بالله تعالى. - ومنها قوله تعالى : ( يا أيّـُها الّذين أمنوا استجيبوا لله وللرّسول إذا دعاكم لما يُحييكم ..) . أمر سبحانه وتعالى عباده بالاستجابة لله والرسول ولا يكون ذلك إلا باتباع سنته. - ومنها قوله تعالى: (فإن تنازعتم في شيءٍ فردّوُه إلى الله والرّسول ) والرد إلى الرسول في حياته وبعد مماته لا يكون إلا بالرجوع لسنته. - قال تعالى: {وَمَا يَنْطِقُ عَنِ الْهَوَى * إِنْ هُوَ إِلَّا وَحْيٌ يُوحَى }[لنجم:3-4] وهي من أوضح الأدلة القرآنية على أن السنة من جملة ما أوحي به إلى النبي_صلى الله عليه وسلم. وقد تمسك من يُسمُّون أنفسهم بالقرآنيين ببعض الشبهات ظنًا منهم صلاحها للاستدلال على باطلهم المبني على الاستغناء بالقرآن عن السنة؛ فاحتجوا ببعض الشبهات: الشبهة الأولى: استدلوا بقوله تعالى: {مَا فَرَّطْنَا فِي الْكِتَابِ مِنْ شَيْءٍ} [الأنعام:38] والجواب: أنه ليس المراد بالكتاب في هذه الآية الكريمة القرآن ،وإنما المقصود بها اللوح المحفوظ؛ بدليل قوله تعالى في نفس الآية: (وما من دابة في الأرض ولا طائر يطير بجناحيه إلا أمم أمثالكم، ما فرطنا في الكتاب من شيء، ثم إلى ربهم يحشرون) ]الأنعام:8 ] فلا يقول عاقل أن القرآن قد أُنزل لتنظيم حياة الطير كما نظمها للبشر!! ، وإنما الذي حوى كل شيء للطير والبشر ، هو اللوح المحفوظ المدون فيه ما كان وما سيكون من علم الله تعالى، ولو سلمنا أن المقصود بالكتاب في الآية الكريمة القرآن، فإن الله تعالى قد جعله تبيانًا لكل شيء، ولم يفرط فيه من شيء، ومن بين ما لم يفرط في بيانه حجية السنة ، ووجوب اتباعها والعمل بها والرجوع لها والتحاكم إليها قال الله تعالى: { وَأَنْزَلْنَا إِلَيْكَ الذِّكْرَ لِتُبَيِّنَ لِلنَّاسِ مَا نُزِّلَ إِلَيْهِمْ وَلَعَلَّهُمْ يَتَفَكَّرُونَ }، وقال تعالى: (وما ينطق عن الهوى إن هو إلا وحي يوحى) [النجم: 3-4] وقد وبخ الله تعالى قوماً يؤمنون ببعض الكتاب ويكفرون ببعض؛ فقال جل وعلا: {أَفَتُؤْمِنُونَ بِبَعْضِ الْكِتَابِ وَتَكْفُرُونَ بِبَعْضٍ فَمَا جَزَاءُ مَنْ يَفْعَلُ ذَلِكَ مِنْكُمْ إِلَّا خِزْيٌ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَيَوْمَ الْقِيَامَةِ يُرَدُّونَ إِلَى أَشَدِّ الْعَذَابِ وَمَا اللَّهُ بِغَافِلٍ عَمَّا تَعْمَلُونَ [البقرة:85].. وقد حذَّر النبيُّ صلى الله عليه وسلم من الأخذ بالقرآن دون السنة، فقد روى الإمام أحمد وأصحاب السنن بإسناد صحيح عن المقدام بن معد يكرب الكندي رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم)
أوتيت الكتاب ومثله ألا يوشك شبعان على أريكته يقول عليكم بالقرآن فما وجدتم فيه من حلال فأحلوه وما وجدتم فيه من حرام فحرموه. (وفي رواية: (ألا وإن ما حرم رسول الله صلى الله عليه وسلم مثل ما حرم الله تعالى). فالقرآن جامع دون تفريط لكل القواعد الكبرى للشريعة التي تنظم للناس شؤون دينهم ودنياهم ، والسنة النبوية هي المبينة لجزئياتها وتفاصيلها ، والمبينة للناس طريق الحياة، والبيان يكون على نوعين :