المعارضة في ظل النظام الديمقراطي الإسلامي
يتطلب منا الحديث في هذا الموضوع أيضا إلى أن نتصور حال المعارضة في ظل نظام إسلامي اختاره الناس وأصبح نظاما شرعيا. للتيارات المختلفة في المجتمع الإسلامي أن تمارس المعارضة ضد السلطة وأن يكون لها أفكارها في التغيير وأفكارها في فهم الإسلام وحتى أفكارها في إقامة نظام علماني دون أن يتأثر ذلك بضوابط الحرية بل يجب توفير الحرية لها ولا خوف من هذه الحرية ما دام الإسلام يتيح وسائل الحوار والإقناع، فالإسلام لا يفرض معتقداته على الناس بالقسر والإكراه، وإنما يريد منهم أن يأخذوا بها بعد البرهان عليها والقناعة بها. لكن الإسلام لا يبيح قيام حزب يدعو إلى الإلحاد، وهو ما لا يتنافى مع الحرية المفترضة التي تقول (إن اختيار المجتمع لنظام ما هو ثمرة لحرية هذا المجتمع) لذلك من حق هذا المجتمع أن يحصن هذا الاختيار بأن يوجد ضوابط لهذه الحرية، يمكن أن يوجد أي تيار له آراء مختلفة مع النظام أو مع الحكومة الإسلامية المفترضة ولكن أن يأتي تيار يدعو إلى نقيض عقيدة المجتمع فمن حق المجتمع أن يمنع وجود مثل هذا التيار؛ لأنه يتناول حريته أو يتناول عقيدته في الأساس. بهذا المعنى لا حدود للحرية في الإسلام إلا ما يتنافى مع مبادئ الحرية نفسها ومع موجبات الحرية ذاتها. هذه هي الحدود التي يأخذ بها الإسلام للحرية، يعني الحدود المشتقة من مبدأ الحرية وتصون الحرية، وقيام حزب يدعو إلى الإلحاد في داخل المجتمع الإسلامي أمر خارج الحرية أساسا لأن المجتمع حر في أن يقيم بنيته التشريعية والسياسية وفقا لعقيدته وبالتالي لا يستطيع أن يسمح لمن يحارب هذه البنية الشرعية، وبهذا المعنى فإن الحرية مطلقة إلا أن يصل الأمر إلى المسّ بنتائج هذه الحرية. الإنسان حر في أن يكون مؤمنا أو أن يكون ملحدا والإسلام لم يمنع حرية أن يكون الإنسان ملحدا أو مؤمنا، الذي يمنعه الإسلام هو الدعوة إلى الإلحاد لا أن تكون ملحدا بدليل أن الشريعة الإسلامية لا تبحث عقوبة الملحد وإنما تبحث عقوبة من يجهر بالإلحاد ويدعو إليه.. الإسلام يعاقب هذه الدعوة لأنها عدوان على المجتمع أما أن يعاقبه لأنه ملحد وحسب فهذا ليس صحيحا.