.
صفيّـة بنت عبـد المطلـب بن هاشم بن عبـد مناف .. .. القرشيـة الهاشمية شقيقة حمزة بن عبد المطلب .. .. أمهما هالة بنت وهيب بن مناف بن زهرة .. .. كانت في الجاهلية زوجـة الحارث بن حـرب بن أمية .. .. أخي أبي سفيان فمـات عنها .. .. فتزوّجها العوّام بن خويـلد فولدت له الزبيـر والسائب وعبـد الكعبة .. .. أسلمت صفيـة قديماً وهاجـرت الى المدينـة .. .. وكانت أول مسلمة قتلت يهودياً .. .. وكانت قد قاتلت يوم أحد.
( 1 ) صفاتها:
كانت - رضى الله عنها - صابرة محتسبة .. .. راضية بقضاء الله .. .. ترى كل المصائب هينة مهما عظمت ما دامتْ في سبيل الله .. .. فهي قدوة .:. في وجدها إنسانة .. .. و في صبرها مؤمنة.
( 2 ) إسلامها:
أسلمت صفية مع ولدها الزبير وأخيها حمزة .. .. وبايعت النبي صلى الله عليه وسلم وهاجرت إلى المدينة .. .. وكانت من أوائل المهاجرات.
( 3 ) بيعة النساء:
لقد بايع الرسول صلى الله عليه وسلم الصحابيات على الإسلام وما مسّت يدُهُ يد امرأة منهنّ .. .. وكانت عمّته صفية رضي الله عنها معهن .. .. فكان لبيعتها أثرٌ واضح في حياتها .. .. بإيمانها بالله ورسوله .. .. ومعروفها لزوجها .. .. وحفاظها على نفسها .. .. والأمانة والإخلاص في القول والعمل.. .. قال تعالى
يا أيُّها النّبي إذا جاءَك المؤمناتُ يبايِعْنَكَ على أن لا يُشْركْنَ بالله شيئاً ولا يَسْرِقْنَ ولا يَزْنينَ ولايَقْتُلن أولادهُنَّ ولا يأتيَن ببُهْتانٍ يفترينه بين أيْديهنَّ وأرجُلهنَّ ولا يَعْصينك في معروفٍ فبايعْهُنّ واستغفرْ لهُنَّ الله إنّ اللهَ غفورٌ رحيمٌ ) الممتحنة: 12.
( 4 ) منهاجها:
كانت رضى اللَّه عنها مقاتلة شجاعة .. .. ويذكر التاريخ لصفية رضي الله عنها أنها نالت شرف الصحبة .. .. روت عن النبي صلى الله عليه وسلم بعض الأحاديث و روي عنها .. .. و يذكر لها أنها لما استشهد شقيقها حمزة .. .. حزنت عليه حزنا شديدا .. .. و عصف بها الحزن بعد ما مثل المشركون بجثته بعد استشهاده و لكنها قالت: " بلغني أنه مُثل بأخي .. .. و ذاك في الله .. .. فما أرضانا بما كان من ذلك .. .. لأصبرن و لأحتسبن إن شاء الله " .. .. وأتت صفية رضي الله عنها موضع استشهاد حمزة بأحد .. .. فنظرت إليه .. .. و استغفرت له .. .. ثم عادت أدراجها تسترجع و تستغفر و لا تزيد.
( 5 ) أدبها:
كانت رضي الله عنها أديبة واعظة فاضلة أنشدت لنفسها في الوفاء فقالت:
إذا ما خلت من أرض كد أحبتي .:. .:. لا سال واديها ولا اخضر عودها
وقالت في الفخر
نحن حفرنا للحجيج زمزم .:. .:. سقيا نبي الله في المحرم
( 6 ) جهادها:
لم يفرض الإسلام على المرأة الجهاد .. .. كما فرضه على الرجل .. .. ولكنه لم يمنعها من التطوع له إن كانت قد رأت في ذلك ضرورة .. .. ولقد كانت صفيّة رضي الله عنها من اللواتي قد شاركن المجاهدين يوم أحُد .. .. فقد جاءت وقد انهزم الناس .. .. وبيدها رمح تضرِبُ في وجوه الناس وتقول: ( انهزمتم عن رسول الله صلى الله عليه وسلم ).
وفي غزوة الخندق كان لها موقف لا مثيل له في تاريخ نساء البشر .. .. وتقول صفية عن نفسها في ذلك
أنا أول إمـرأةٍ قتلـتْ رجـلاً ) وذلك عندما خرج المسلمون لغزوة الخندق أمام الأحزاب .. .. أمر الرسول صلى الله عليه وسلم بحماية النساء و الضعفاء في أماكن آمنة داخل المدينة .. .. و عندما تحالف " يهود بني قريظة " مع الأحزاب قرروا إبادة المسلمين .. .. و كانت خطتهم هي: أن تقوم " يهود بني قريظة " بتهديد نساء المسلمين و شيوخهم و أطفالهم داخل المدينة .. .. مما يدفع المسلمين للانسحاب من مواضعهم في الخندق للدفاع عن ذويهم .. .. وحينها يقتحم الأحزاب الخندق و يهزمون المسلمين .. .. و لتنفيذ الخطة .:. بعثت " يهود بني قريظة " واحد من رجالها الأذكياء .. .. فتسلل إلى الآطام التي فيها عوائل المسلمين .. .. وكانت مهمته معرفة أماكن النساء و الذراري و معرفة درجة حمايتهم .. .. و كانت صفية رضي الله عنها حينها في حصن مع الصحابي الجليل حسان بن ثابت وهو يناهز الستين من العمر.. .. فلمحت اليهودي عندما أطلّ عليهم وجه الفجر .. .. فقالت صفية لحسان بن ثابت: قُم فاقتله .. .. فقال: لو كان ذلك فيّ لكنت مع رسول الله صلى الله عليه وسلم .. .. قالت صفية: فقمت إليه فضربته بعمود حتى قطعتُ رأسه .. .. وقلت لحسان: قم فاطرحْ رأسه على اليهود .. .. وهم في أسفل الحصن .. .. فقال: والله ما ذلك إليّ .. .. قالت: فأخذتُ رأسه فرميت به عليهم .. .. فقالوا: قد علمنا أن محمدا لم يكن ليترك أهله خُلواً ليس معهم أحد ) فتفرّقوا.
( 7 ) وفاتها:
توفيت رضي الله عنها في خلافة عمر سنة عشرين .. .. ولها من العمر ثلاث وسبعون سنة .. .. ودفنت في البقيع.
إن في إسلامنا نساء خالدات .. .. سطرن أروع المثل في سماء العلم والجهاد .. .. والأدب والشعر.. .. وكن نساءٌ صالحات .. .. وأمهات معلمات .. .. وسيدات مجتمع مجاهدات .. .. وأثبتن أنهن يضاهين الرجال .. فرضوان ربي عليك يا صفية .. .. وصلاته وسلامه على حبيبي وقرة عيني محمد بن عبد الله وعلى آله وصحابته ومن والاه وسلم تسليماً كثيراً.