الدكتور عادل عامر المدير العام
عدد الرسائل : 1585 العمر : 58 تاريخ التسجيل : 23/01/2009
| موضوع: المعارضة في ظل النظام الديمقراطي الإسلامي السبت يونيو 20, 2009 10:36 pm | |
| المعارضة في ظل النظام الديمقراطي الإسلامي يتطلب منا الحديث في هذا الموضوع أيضا إلى أن نتصور حال المعارضة في ظل نظام إسلامي اختاره الناس وأصبح نظاما شرعيا. للتيارات المختلفة في المجتمع الإسلامي أن تمارس المعارضة ضد السلطة وأن يكون لها أفكارها في التغيير وأفكارها في فهم الإسلام وحتى أفكارها في إقامة نظام علماني دون أن يتأثر ذلك بضوابط الحرية بل يجب توفير الحرية لها ولا خوف من هذه الحرية ما دام الإسلام يتيح وسائل الحوار والإقناع، فالإسلام لا يفرض معتقداته على الناس بالقسر والإكراه، وإنما يريد منهم أن يأخذوا بها بعد البرهان عليها والقناعة بها. لكن الإسلام لا يبيح قيام حزب يدعو إلى الإلحاد، وهو ما لا يتنافى مع الحرية المفترضة التي تقول (إن اختيار المجتمع لنظام ما هو ثمرة لحرية هذا المجتمع) لذلك من حق هذا المجتمع أن يحصن هذا الاختيار بأن يوجد ضوابط لهذه الحرية، يمكن أن يوجد أي تيار له آراء مختلفة مع النظام أو مع الحكومة الإسلامية المفترضة ولكن أن يأتي تيار يدعو إلى نقيض عقيدة المجتمع فمن حق المجتمع أن يمنع وجود مثل هذا التيار؛ لأنه يتناول حريته أو يتناول عقيدته في الأساس. بهذا المعنى لا حدود للحرية في الإسلام إلا ما يتنافى مع مبادئ الحرية نفسها ومع موجبات الحرية ذاتها. هذه هي الحدود التي يأخذ بها الإسلام للحرية، يعني الحدود المشتقة من مبدأ الحرية وتصون الحرية، وقيام حزب يدعو إلى الإلحاد في داخل المجتمع الإسلامي أمر خارج الحرية أساسا لأن المجتمع حر في أن يقيم بنيته التشريعية والسياسية وفقا لعقيدته وبالتالي لا يستطيع أن يسمح لمن يحارب هذه البنية الشرعية، وبهذا المعنى فإن الحرية مطلقة إلا أن يصل الأمر إلى المسّ بنتائج هذه الحرية. الإنسان حر في أن يكون مؤمنا أو أن يكون ملحدا والإسلام لم يمنع حرية أن يكون الإنسان ملحدا أو مؤمنا، الذي يمنعه الإسلام هو الدعوة إلى الإلحاد لا أن تكون ملحدا بدليل أن الشريعة الإسلامية لا تبحث عقوبة الملحد وإنما تبحث عقوبة من يجهر بالإلحاد ويدعو إليه.. الإسلام يعاقب هذه الدعوة لأنها عدوان على المجتمع أما أن يعاقبه لأنه ملحد وحسب فهذا ليس صحيحا.التطبيقات المعاصرة للديمقراطية هناك كلمه لا بد منها حول الديمقراطية وتطبيقاتها في عصرنا الحالي والذي يتميز بتداخل الشأن الاقتصادي بالشأن السياسي وما صاحبه من تكوين الشركات المتعددة الجنسيات والتي تتجاوز رءوس أموالها ميزان المصروفات والمدفوعات لدول ذات سيادة. وتطالعنا الدراسات والأبحاث كل فترة عن أخبار الفضائح المالية الحزبية والسياسية المنتشرة في الديمقراطيات الغربية مما يدفع إلى التساؤل عن أسبابها وعلاقة ذلك بتغييب مفعول القيم الأخلاقية على العملية الديمقراطية. في العقد الاجتماعي لروسو -الذي يكثر الاستشهاد به- نجد أن التمثيل الشعبي المباشر في الحكم للتعبير عن إرادة الشعب كان مصحوبا بدعوة تأسيسية لما عرف بالتربية الفردية التي وضع لها صيغة شاملة في كتاباته، ولكن كل ذلك أسقط تماما بعد أن وصل التطور الفكري في الغرب إلى الاحتضان الكامل لنهج العلمانية المادية وبصوره شرسة. نعلم جميعا أن الانتخابات هي الوسيلة الإجرائية الأهم في العملية الديمقراطية للتعبير عن إرادة الناس ولا يستطيع فرد بذاته وغير منتظم في حزب تحمل النفقات الباهظة للدعاية الانتخابية خاصة بعد انتشار أجهزه الإعلام وتأثيرها الرهيب على أدمغه الناس العاديين الذين لا يعرفون أسسا موضوعية تقوم عليها عملية المفاضلة في الانتخاب. الأحزاب نفسها لا تستطيع احتمال هذه النفقات أيضا من موازنتها المحدودة والاشتراكات والتبرعات فكل ذلك لا يكاد يكفي مرشحا واحدا. وهنا لا يوجد مصدر للتبرعات أسخى من الشركات ذات المصالح المادية المتصاعدة والقدرات المالية الضخمة. وتتحدد أسس اللعبة السياسية القائمة على تلاقي مصالح حزبية من داخل أجهزة السلطة مع المصالح المادية لهذه الشركات التي تربط استخدام المال للتأثير على القرار الذي يصدر عن السلطة التي تأتي بالانتخاب الحر!! أشكال الفساد المالي ومخاطره على العملية الديمقراطية عبر إشكاليات تمويل الأحزاب وانتشار هذه الظاهرة في الفترة الأخيرة أصبح مقلقا إلى درجة كبيرة وما تتحدث عنه وسائل الإعلام أقل كثيرا من واقع الحال القائم لارتباطه بمصالح ومستويات سياسية عليا. نفس الأمر في المستويات الأدنى وصولا إلى البلديات والمجالس المحلية في القرى.. لقد تحولت الأحزاب السياسية في الغرب معقل التطبيق الأمثل للديمقراطية من تمثيل الإرادة الشعبية إلى تمثيل إرادة الشركات الضخمة وضاعفت العولمة من حجم الظاهرة وأصبحت الشركات الكبرى أقدر على ممارسة الضغوط على الحكومات والأحزاب وحتى على الناس العاديين مع (التهديد العلني بنقل أماكن الإنتاج من الوطن الأم إلى مواطن أخرى تتوافر فيها معطيات ضرائبية أفضل!!). ظاهرة الفساد المالي وكيف تنخر في الحياة الديمقراطية -إلى درجة أشبه بأن تكون حكم الشركات والقوى الاقتصادية للشعب وليس حكم الشعب لنفسه- في الواقع الغربي أصبحت من أخطر سوءات الديمقراطية وذلك بتغليب المصلحة المادية عبر التأثير الهائل للمال وقدرة مالكه على استغلاله لتحقيق ما يريد على حساب المجتمع، وعلى الجانب الآخر يضعف تأثير القوانين والتشريعات، بل إن قوة المال ساهمت بدرجة كبيرة في استصدار التشريعات والقوانين وتعديلها بما يتلاءم مع مصالح هذه الشركات الكبرى. وهو ما يحدث بشكل عادي وطبيعي عن طريق الأحزاب السياسية والتبرعات المالية السخية التي تنهال عليها.. أي وسيلة أو آلية معرضة بحكم الطبيعة البشرية للاستخدام السيئ والاستخدام الجيد، مشكلة الديمقراطية لا تكمن في ذلك بل في غياب ضوابط تنفيذها وتطبيقها، ونحن نميز جيدا بين التعاطي الإيجابي مع دعوات الديمقراطية ورفض منظومة القيم الغربية التي باتت محكومة بالفلسفات والمصالح المادية بدرجة كبيرة وأضحت مصدر خطر كبير وتهديد دائم للديمقراطية نفسها. تطبيق الإجراءات الديمقراطية من انتخابات وتعددية وفصل السلطات واستقلال القضاء وسيادة القانون لا قيمه له في حقيقة الأمر ما لم يكن له سقف من مكارم القيم والأخلاق نابع بالدرجة الأولى من الضمير الذاتي للإنسان، وهي الصفة الأعلى والأسمى التي تنتج من مخالطة الإيمان بالله للنفس الإنسانية وما يتبعه ذلك من اليقظة الضميرية الدائمة والتي نعرفها في الإسلام بـ(التقوى). | |
|