اسرائيل أعدّت قائمة جديدة بأسماء اسرى فلسطينيين لديها استعداداً للافراج عنهم
ذكرت صحيفة "هآرتس" ان اسرائيل أعدّت قائمة جديدة بأسماء اسرى فلسطينيين لديها استعداداً للافراج عنهم في مقابل الجندي الاسرائيلي غلعاد شاليت وانها جاهزة لايصالها الى "حماس" في اقرب وقت ممكن من أجل تعزيز فرص ترتيب محتمل لتبادل الأسرى. وفي غضون ذلك ارتفعت وتيرة الانتقادات لاصرار رئيس الحكومة الاسرائيلية المنتهية ولايته ايهود اولمرت على الربط بين قضية التهدئة -التي كانت حركة "حماس" والفصائل الفلسطينية الاخرى جاهزة لاعلانها- وقضية تبادل الاسرى. وكتب المحلل في "هآرتس" عاموس هارييل ان "مصادر عليا" في المؤسسة الدفاعية الاسرائيلية "عبرت عن قلقها الليلة الماضية من تراجع اولمرت عن استعداده الذي كان اعلنه سابقاً لتسريع المفاوضات على صفقة لاطلاق شاليت قبل خروجه من السلطة". وكانت الحكومة السياسية- الأمنية الاسرائيلية المصغرة قررت امس جعل اطلاق شاليت شرطا مسبقا لأي اتفاق جديد على وقف اطلاق النار في قطاع غزة. وقد عقد هذا الامور في ما يتعلق بالتهدئة التي تشترط الفصائل الفلسطينية ان تعني فتح المعابر الحدودية وانهاء الحصار على قطاع غزة، كما اخر احتمالات البدء باعادة اعمار ما دمرته الحرب الاسرائيلية في القطاع. ونتيجة لهذا التأخير الذي سببه الانقلاب الاسرائيلي في اللحظة الاخيرة، اعلنت مصر ارجاء الحوار الفلسطيني الذي كان من المقرر ان تستضيفه ابتداءً من الثاني والعشرين من الشهر الجاري. واعربت القاهرة عن استيائها من ربط تل ابيب قضية تبادل الاسرى بقضية التهدئة. ونقلت وكالة أنباء الشرق الأوسط المصرية عن مسؤول مصري رفيع المستوى لم تسمه، قوله إن "الحوار الفلسطيني - الفلسطيني المقرر عقده في 22 شباط (فبراير) تقرر تأجيله لفترة وجيزة لمزيد من المشاورات".ونقلت صحيفة "الحياة" اللندنية اليوم عن قيادي في "حماس" قوله إن القاهرة أبلغت الحركة بأن سببين وراء قرار التأجيل، أولهما عدم التوصل إلى تهدئة بين الفلسطينيين في غزة والإسرائيليين و "انعكاسات ذلك السلبية على الحوار الهادف أصلاً إلى تشكيل حكومة وحدة وطنية ترفع الحصار". أما السبب الثاني فهو اشتراط "حماس" إطلاق معتقليها في الضفة الغربية، وبالتالي فإن مصر ترغب في توفير أسباب النجاح للحوار. وفي ما يتعلق بملف الأسرى، قال الناطق باسم الحكومة الفلسطينية المقالة طاهر النونو للصحيفة ذاتها إن مصر لم تعرض على "حماس" أي حلول وسط أو مبادرة جديدة، نافياً ما تردد في أوساط سياسية وإعلامية من أن مصر طرحت على "حماس" اختيار 500 من أسماء الأسرى الذين تريد اطلاقهم، وأكد تمسك الحركة بإطلاق قائمة الأسرى التي سبق أن سلمتها الى المصريين وآلية تنفيذ الصفقة. وأكد مصدر في مكتب رئيس الوزراء الاسرائيلي امس ان اسرائيل مستعدة للدخول في محادثات مكثفة مع "حماس" في القاهرة، عبر وساطة مصرية، من اجل حل المسألة. وأعدّ مسؤولون في المؤسسة الدفاعية ووزارة العدل قائمة جديدة بأسماء أسرى ستكون اسرائيل على استعداد لاطلاقهم في مقابل شاليت اذا تم التوصل الى اتفاق مع "حماس".ومعظم الأسرى "أياديهم ليست ملطخة بالدماء"- وهي كناية تستخدم لوصف الفلسطينيين المعتقلين لدورهم في قتل اسرائيليين. وتشمل القائمة، التي عرضت على رئيس الوزراء ايهود اولمرت، نحو 200 اسير طلبت "حماس" الافراج عنهم وتمت الموافقة عليهم في الماضي من جانب لجنة برئاسة الوزير حاييم رامون. وتشمل القائمة ايضا اسماء مئات من الأسرى الذين يتوفر لدى اسرائيل الاستعداد للافراج عنهم- يمكن لـ"حماس" ان تختار من بينهم. وكان العدد الاجمالي للأسرى الذين سيفرج عنهم قد حدد في اتفاقات سابقة، تدعو الى الافراج الاولي عن 450 اسيرا في مقابل شاليت، يتبعه الافراج عن 550 اسيرا آخرين كبادرة حسن نية تجاه مصر ورئيس السلطة الفلسطينية محمود عباس. وفي النهاية ستم اطلاق سراح نساء وأطفال وبرلمانيين من "حماس".ودعت مصادر في مكتب رئيس الوزراء حركة "حماس" الى ايفاد مبعوث الى القاهرة بأسرع وقت لاجراء محادثات مكثفة حول شاليت. وبحسب الاقتراح الاسرائيلن فان عوفر ديكل، مبعوث اولمرت الى المفاوضات حول شاليت، سيجتمع بشكل منفصل مع وسطاء مصريين، بينما تقوم "حماس" بعمل الشيء نفسه، وسيتفق الطرفان على صيغة. وقال مصدر سياسي بارز امس: "الكرة الآن في ملعب حماس. وحماس لن تحصل على كل من تريده. نحن مستعدون للافراج عن العديد من الأشخاص على قائمتهم، ولكن ليس الجميع. وعلى اية حال، فانه هذه مسألة للمفاوضات، ونحن مستعدون للتفاوض".وخلال اجتماع الحكومة الاسرائيلية امسن عرض وزير الدفاع ايهود باراك الاقتراح المصري لوقف اطلاق النار وحث زملاءه على الموافقة عليهن ولكنه لم ينجح في ذلك. وقال باراك :"هذه فرصة ينبغي عدم تفويتها".ولكن وزير المالية روني بار- اون هاجم باراك قائلا: "كيف سيعيد هذا الاقتراح شاليت؟".وكان رد باراك المختصر: "سيكون علينا العمل بحكمة. اذا اردت التحدث عن شاليت، فهذا جيد، ولكن سيتعين علينا دفع الثمن الذي يطلبونه (حماس)". وهاجم اولمرت ايضا باراك، مقتبسا من وثيقة من حزيران (يونيو) 2008 كتب فيها رئيس الهيئة الدبلوماسية والامنية في وزارة الدفاع الاسرائيلية عاموس غلعاد انه بدون حل مسألة شاليت، لن يكون ممكنا المحافظة على اتفاق بوقف اطلاق النار مع "حماس".وقال اولمرت: "لم آت الى هنا لأكون داعية اخلاق. ولكن سنضر بأنفسنا اذا لم نقر بأننا لم نحقق اهداف وقف اطلاق النار الأول. لم يحدث هناك هدوء، واستمر التهريب، ولم نستعد جلعاد شاليت. نتيجة لذلك نفذنا عملية الرصاص المسكوب".وفي نهاية الاجتماع، رفضت الحكومة اقتراح باراك بقبول الصيغة المصرية لوقف اطلاق النار وتبنت اصرار اولمرت على الافراج عن شاليت اولا. موقف مصر وصرح مسؤول مصري رفيع لوكالة "فرانس برس" الخميس ان القاهرة "تشعر باستياء ازاء الموقف الاسرائيلي" المتعلق بربط التهدئة في قطاع غزة بالافراج عن الجندي الاسرائيلي شاليت، وقال ان "التراجع في موقف الجانب الاسرائيلي من شأنه ان يؤدي الى انهيار مصداقيته لدى مصر".وردا على سؤال حول موقف مصر من قرار الحكومة الامنية الاسرائيلية في هذا الخصوص الاربعاء قال المسؤول الذي طلب عدم ذكر اسمه ان "مصر تشعر بالاستياء ازاء هذا الموقف الاسرائيلي".واضاف: "ان مصدر شعورنا بالاستياء هو ان مصر مضت في جهودها بشكل حثيث واطلعت كلا الجانبين (اسرائيل وحركة حماس) على كافة تفصيلات مواقف الطرف الآخر وكان واضحا للجميع منذ البداية ان موضوع الجندي ليس مرتبطا بالاتفاق على التهدئة".وتابع: "لا شك ان التراجع الذي حدث في موقف الجانب الاسرائيلي يمثل انهيارا لمصداقية هذا الجانب لدى مصر".واعرب المسؤول المصري عن "اسفه لان المسؤولين الاسرائيليين تعاملوا مع المسألة في اطار حساباتهم الداخلية المعقدة بصرف النظر عن تداعيات قراراهم على الجهد الاقليمي والدولي الذي يستهدف اعادة الاستقرار للوضع (في غزة وفي المنطقة) وتثبيت التهدئة لمصلحة الجميع".وكان المسؤول المصري يلمح بذلك الى الحسابات الداخلية الاسرائيلية المرتبطة بالمشاورات حول تشكيل الحكومة الاسرائيلية الجديدة بعد الانتخابات التشريعية التي جرت في العاشر من شباط (فبراير) الجاري والتي حصد خلالها حزب "كاديما" الذي تتزعمه وزيرة الخارجية تسيبي ليفني 28 مقعدا مقابل 27 مقعدا لحزب الليكود الذي يقوده بنيامين نتنياهو الذي يحظى بدعم حزبين دينيين قوميين (7 نواب) وحزب شاس الديني المتشدد (11 نائبا) وكتلة التوراة الموحدة (5 نوب) واسرائيل بيتنا (15 نائبا).