. وقد اتخذ العالم المعاصر المظاهرات لهذا الهدف ولحمل أولي الأمر على تلبية رغباتهم والاستجابة لما يريدون. الإسلام يوجبها لبيان الرأي العام: والإسلام من ناحيته يوجب التظاهر في حدود هذا المعنى لبيان الرأي العام للأمة في قضيةٍ من قضاياها، وخاصةً إذا تعلَّق الأمر بمصلحة الأمة وقضاياها المصيرية، مثل قضية فلسطين وقضية العراق وغيرهما.. هنا يجب على الأمة المسلمة أن تنتفض وتتظاهر وتفعِّل شتى الوسائل بما يبيِّن رأيها ويحمل أولياء الأمر على تنفيذ رغبتها ويبعث الرعب في نفوس المعتدين فيكفُّوا عن اعتدائهم. بل نقول: "إن التظاهر بهذه الكيفية نوعٌ من أنواع الجهاد في سبيل الله، ونصرة لإخواننا المظلومين- في غزة وفلسطين عامة والعراق وغيرهما- وبالأخص شعب غزة الأعزل الذي لا حول ولا قوة له إلا بالله، والله عز وجل يقول ﴿إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ إِخْوَةٌ فَأَصْلِحُوا بَيْنَ أَخَوَيْكُمْ وَاتَّقُوا اللهَ لَعَلَّكُمْ تُرْحَمُونَ﴾ (الحجرات: 10). ولا بد أن ننكر ما يحدث لهؤلاء من قتل الأبرياء العُزَّل وهدم منازلهم ومؤسسات مقومات الحياة عندهم، وإلا استحققنا غضب الله علينا وتسليط الأشرار وعدم استجابة الدعاء حتى من الصالحين الساكتين عن الحق والراضين عن ظلم إخوانهم المسلمين، يقول صلوات الله وسلامة عليه:"لتأمُرُنَّ بالمعروف ولتنهونَّ عن المنكر أو ليسلطنَّ الله عليكم شرارَكم، فيدعو خياركُم فلا يستجاب لكم".لا بد من التظاهر: لإعلام العالم أن الأمة الإسلامية لا تزال بخير، وأن أبناءها في رباط دائم واستنفار مستمر؛ لا ينقصهم إلا من يناديهم للجهاد باسم الله فيسارعون إلى الجهاد حبًّا فيه ورغبةً في الشهادة في سبيل الله. وهذا يغيظ الأعداء ويُلقي الرعب في قلوبهم ويحملهم على مراجعة أنفسهم، والله تعالى مدح الذين يسيرون سيرًا أو يعملون عملاً مشروعًا يغيظ الأعداء، ووعدهم بالثواب الجزيل، يقول سبحانه: ﴿وَلا يَطَئُونَ مَوْطِئًا يَغِيظُ الْكُفَّارَ وَلا يَنَالُونَ مِنْ عَدُوٍّ نَيْلاً إِلاَّ كُتِبَ لَهُمْ بِهِ عَمَلٌ صَالِحٌ﴾ (التوبة من الآية 120). فالإسلام يُوجب هذه المظاهرات لهذا الهدف وبهذه الكيفية بشرط مهم، وهو شرطٌ لا يجوز إغفاله؛ أن تكون المظاهرات سليمةً لا عدوان فيه؛ لأن النبي صلى الله عليه وسلم يقول: "لا ضرر ولا ضرار"، نسأل الله أن يُعيد إلى أولي أمر المسلمين رشدهم ويُلهمهم الصواب ويرزقهم البطانة الصالحة الرشيدة، وأن ينصر إخواننا العُزَّل على عدوهم وأن يُصبِّرهم على مصابهم ويرحم شهداءهم، وأن يمكِّن لدينه في الأرض أن يسود ولكتابه أن يحكم.. إنه ولي ذلك والقادر عليه، ولا حول ولا قوة إلا بالله. وصلى الله على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه وسلم، والله تعالى أعلم.[/justify]