منتدي الثقافة القانونية
منتدي الثقافة القانونية
منتدي الثقافة القانونية
هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.

منتدي الثقافة القانونية

ليس عليك ان يقتنع الناس برأيك الحق ولكن عليك ان تقول للناس ما تعتقد أنه حق
 
الرئيسيةالبوابةأحدث الصورالتسجيلدخول

 

 اليتيم في الإسلام

اذهب الى الأسفل 
كاتب الموضوعرسالة
الدكتور عادل عامر
المدير العام
الدكتور عادل عامر


ذكر
عدد الرسائل : 1585
العمر : 58
تاريخ التسجيل : 23/01/2009

اليتيم في الإسلام Empty
مُساهمةموضوع: اليتيم في الإسلام   اليتيم في الإسلام I_icon_minitimeالجمعة أبريل 03, 2009 11:54 am

اليتيم في الإسلام
الدكتور عادل عامر



وقد رتب -صلى الله عليه وسلم- على الإحسان إلى اليتيم وعدا بالأجر العظيم؛ ذلك أن طبيعة الإنسان ربما تستنكف أن تشغل نفسها بيتيم، وربما تتركه اتكالا منها على أن يأخذه غيره من باقي المسلمين؛ فإذا علم الشخص أن في إعالته لهذا اليتيم أجرًا وثوابًا ومقابلا مكافئا؛ يكون ذلك أدعى للحرص على المسارعة إلى هذا الخير. ومن هذه التوجيهات النبوية قول الرسول صلى الله عليه وسلم: "خير بيت في المسلمين بيت فيه يتيم يحسن إليه"؛ فأي اهتمام بعد هذا الكرم النبوي الذي يجعل خيرية بيوت المسلمين مرتبطة بالإحسان إلى اليتيم. بل إن هذا الكرم النبوي يتعدى هذه الخيرية الدنيوية إلى ضمان الجنة يوم القيامة؛ حيث يقول –صلى الله عليه وسلم-: "من عال يتيما حتى يستغني عنه أوجب الله له بذلك الجنة"؛ فمن يرفض هذا الوعد الإلهي الذي أوجب الله فيه الجنة لكافل اليتيم؟!.بل إن الرسول -صلى الله عليه وسلم- يحدد مكان كافل اليتيم في الجنة فيقول: "إن في الجنة دارا يقال لها دار الفرح، لا يدخلها إلا من فرح يتامى المؤمنين". فالجزاء من جنس العمل؛ ودار الفرح في الجنة لمن فرح اليتيم في دار الدنيا، والملاحظ في هذا الحديث أنه رتب هذا الأجر على مجرد تفريح اليتيم، الذي ربما يكون بهدية أو أعطية أو رحلة أو حتى كلمة طيبة أو نظرة حانية. ويساوي الرسول الكريم -صلى الله عليه وسلم- في موضع آخر بين كفالة اليتامى والأمور العظام في الإسلام؛ مثل القيام والصيام والجهاد في سبيل الله؛ حيث يقول -صلى الله عليه وسلم-: "ومن عال ثلاثة أيتام كان كمن قام ليله، وصام نهاره، وغدا وراح شاهرا سيفه في سبيل الله".وتتجلى العناية بكفالة اليتيم أيضا في الأمم السابقة قبل الرسالة المحمدية؛ فقد سأل موسى نبي الله ربه: "ما جزاء من كفل يتيما؟"، فأوحى إليه الله عز وجل: "أظله في ظل عرشي يوم القيامة".وتتضح هذه العناية في أبهى صورها في هذا التنافس الشريف الذي أنزل الله فيه قرآنا يتلى إلى يوم القيامة، في التنافس على كفالة مريم ابنة عمران؛ هذا التنافس الذي يدل على عظم وفضل ما يتنافسون عليه؛ حيث يقول تعالى: {وَمَا كُنتَ لَدَيْهِمْ إِذْ يُلْقُونَ أَقْلاَمَهُمْ أَيُّهُمْ يَكْفُلُ مَرْيَمَ وَمَا كُنْتَ لَدَيْهِمْ إِذْ يَخْتَصِمُونَ}.

مظاهر كفالة اليتيم

الطفل اليتيم غالبا ما يعاني من حساسية مفرطة في تفسير تصرفات الآخرين تجاهه؛ نظرا لاضطرابات الطبع التي تتولد لديه جراء ما يعانيه، وهذه التصرفات تتجه للعالم الخارجي الذي كثيرًا ما يكون سلبيًّا في تعامله مع نفسية اليتيم؛ فيكون الزجر والعنف والقسوة؛ لذا كانت عناية الإسلام بنفسية اليتيم، والتلطف في معاملته كبيرة؛ فقد قال تعالى: {فَأَمَّا الْيَتِيمَ فَلاَ تَقْهَرْ}.وكافل اليتيم يجب أن يدرك أن عمله يختلف عن الصدقة والزكاة؛ حيث إن كفالة اليتيم تحتاج منه لمتابعة ومراقبة ونصح واهتمام ولو عن بعد، وهذا يعود بنتائج إيجابية على نفسية اليتيم، ويساعده في أن يصبح إنسانًا سويًّا صالحًا، يكمل مشوار أبيه إن كان صالحًا. ومن المفاهيم الخاطئة أن كفالة اليتيم تقتصر على الاهتمام المادي به فقط، ولكن الإسلام يرتقي بهذه المهمة من دركات الماديات والحسيات إلى درجات المعنويات والمعاملة السامية؛ فيأمر بإصلاحهم، ويحض على مخالطتهم وإشراكهم في المجتمع؛ ذلك أن العزلة لها آثارها الخطيرة على نفسية الطفل، خاصة إذا كان يعاني من هذه الحساسية التي يعاني منها من فقد أحب الناس إليه؛ حيث يقول تعالى في معرض حديثه عن منظومة القيم الأسرية والاجتماعية: {وَيَسْأَلُونَكَ عَنِ الْيَتَامَى قُلْ إِصْلاَحٌ لَّهُمْ خَيْرٌ وَإِنْ تُخَالِطُوهُمْ فَإِخْوَانُكُمْ}، وليعلم كافل اليتيم أن إكرام اليتيم يكون بقدر مخالطته للمجتمع واندماجه فيه. وليعلم الكثير أن هناك أيتاما أغنياء، لكنهم يحتاجون لكفالة وإكرام معنوي، وهذه الكفالة والإكرام يحتاجهما اليتيم الغني كما يحتاجهما اليتيم الفقير، والإكرام المعنوي غالبا ما يكون أفضل من الإكرام المادي: {قَوْلٌ مَّعْرُوفٌ وَمَغْفِرَةٌ خَيْرٌ مِّن صَدَقَةٍ يَتْبَعُهَا أَذًى وَاللهُ غَنِيٌّ حَلِيمٌ}.ومن مظاهر إكرام اليتيم أن يحرص على تأديبه ورعايته ومراقبته ومحاسبته، كما يفعل مع ولده؛ فقد روي عن الإمام علي رضي الله عنه أنه قال: "أدِّب اليتيم مما تؤدب به ولدك، واضربه مما تضرب به ولدك"، وهذا نبي الله زكريا يتابع السيدة مريم ويراقبها ويسألها عن الرزق الذي وجده عندها {يَا مَرْيَمُ أَنَّى لَكِ هَذَا قَالَتْ هُوَ مِنْ عِنْدِ اللهِ}.فلا بد من تعليم اليتيم وتثقيفه، ومعاملته المعاملة العادية التي نعامل بها أولادنا حتى لا نجرحه، ولنحذر أن نعامله معاملة خاصة تختلف عن الآخرين. ويجب متابعة أحوال اليتيم بما يطيق الكافل {لاَ يُكَلِّفُ اللهُ نَفْسًا إِلاَّ وُسْعَهَا}؛ بحيث يكفي الشعور والإحساس بهذا اليتيم، ولو أن يمسح على رأسه، وهذا من محاسن الإسلام؛ حيث يستطيع الكافل الفقير والمجتمع كله أن يكفل اليتم.

أيتام لكن عظماء

كثيرا ما تأتي المنحة من رحم المحنة؛ فربما يكون فقد الوالدين أو أحدهما سببا دافعا للتميز والتفوق؛ فما أكثر الصور المشرقة لأيتام تميزوا وبرزوا وكانت لهم بصماتهم الواضحة على المجتمع من حولهم. ويأتي على رأس هؤلاء الأيتام العظام: * سيد الخلق وإمام الحق رسولنا الكريم -صلى الله عليه وسلم- الذي توفي أبوه قبل ولادته وماتت أمه وهو في طفولته، وتولى رعايته جده عبد المطلب ثم عمه أبو طالب؛ حتى شب وجاءه الوحي من السماء حاملا البشرى والنور والهداية للعالمين، وقد خاطبه ربه فقال: {أَلَمْ يَجِدْكَ يَتِيمًا فَآوَى}.* السيدة مريم العذراء، التي أشرنا إلى قصتها سابقا، والتي كفلها نبي الله زكريا، والتي بشرتها الملائكة: {وَإِذْ قَالَتِ الْمَلاَئِكَةُ يَا مَرْيَمُ إِنَّ اللهَ اصْطَفَاكِ وَطَهَّرَكِ وَاصْطَفَاكِ عَلَى نِسَاءِ الْعَالَمِينَ}، وقال عنها الرسول صلى الله عليه وسلم: ‏"كمل من الرجال كثير، ولم يكمل من النساء إلا ‏مريم بنت عمران، ‏وآسية امرأة فرعون..." [رواه البخاري]. * الحافظ ابن حجر رحمه الله؛ فقد ربته أخته سِت الرّكب بنت علي بن محمد بن محمد بن حجر. قال عن نفسه: "وُلِدتْ في رجب سنة سبعين في طريق الحج، وكانت -أي أخته- قارئة كاتبة أعجوبة في الذكاء، وهي أمي بعد أمي".. أن النبي صلى الله عليه وسلم كثيرا حين يشكو إليه أحد شيئا يقدم له برنامجا عمليا، ليس مجرد وعظ وإرشاد فحسب، بل يدفعه إلى فعل شيء يغير الواقع الذي يشكوه صاحبه، أجد هذا حين يجيء الرجل يشكو إلى الرسول صلى الله عليه وسلم حاجته وفاقته، فيطلب منه أن يجمع ما عنده من أشياء قليلة، فيصنع مزادا لأشياء تعد تافهة في حياة الإنسان، ولكنه يبيعها بدرهمين، ويأمره أن يعطي أهله درهما يأكلون منه ويشربون، ويذهب ليشتري قدوما بالدرهم الآخر، ويساعده الرسول صلى الله عليه وسلم أن يكون عنده مهنة يتكسب منها من خلال جمع الحطب، ويحدد له برنامجا زمنيا -خمسة عشر يوما- ذهب الرجل وعمل، وتكسب، وأصبح من المتكسبين، وتحول من فرد عالة على المجتمع، إلى فرد منتج له دور فعال، ولو كان عمله قليلا. كما ألحظ هذا حين يرى النبي صلى الله عليه وسلم رجلا في المسجد في غير وقت صلاة، فيتساءل النبي صلى الله عليه وسلم عن السبب الذي جعله في المسجد في غير وقت صلاة، فيخبره الرجل بهموم لزمته، وديونه غلبته، فيرشده النبي صلى الله عليه وسلم أن يقول حين يصبح وحين يمسي "اللهم إني أعوذ بك من الهم والحزن، وأعوذ بك من العجز والكسل، وأعوذ بك من الجبن والبخل، وأعوذ بك من غلبة الدين وقهر الرجال"، فيحافظ الرجل على هذا البرنامج الروحي الذي كان سببا في تغيير حياته من الأسوأ إلى الأحسن. وغير ذلك من المواقف.[b]


عدل سابقا من قبل Admin في الجمعة أبريل 03, 2009 12:00 pm عدل 1 مرات
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
https://adelamer.yoo7.com
الدكتور عادل عامر
المدير العام
الدكتور عادل عامر


ذكر
عدد الرسائل : 1585
العمر : 58
تاريخ التسجيل : 23/01/2009

اليتيم في الإسلام Empty
مُساهمةموضوع: رد: اليتيم في الإسلام   اليتيم في الإسلام I_icon_minitimeالجمعة أبريل 03, 2009 11:55 am

لين الجوارح لين لسيدها

وحين أقف عند هذا المشهد الثالث، وذلك الرجل الذي جاء إلى النبي صلى الله عليه وسلم يشكو قسوة قلبه، فيرشده إلى أن يمسح على رأس اليتيم، إن قصد الإنسان بيت اليتيم، وسعيه، وكل خطوة يخطوها ابتغاء الأجر والثواب فيها ترقيق للقلوب، وإن سعي الجوارح للخير دائما فيه ما يلين ذلك القلب، وإن كان القلب هو ملاك الإنسان كله، فإن الجوارح العاملة بالخير تجعل سيدها في أحسن هيئة، وأفضل حال، بل تجبره على أن يكون حسنا كما الجوارح حسنة، فسعي القدم إلى بيت اليتيم، والجلوس معه، والحنو عليه، بمد اليد إلى رأسه، والمسح على شعره تعويضا له عن حنان الوالد الذي فقده، وأثر ذلك على قلب الطفل اليتيم من الراحة والطمأنينة والسكينة، فكان الجزاء من جنس العمل، راحة للبال، ولينا للقلب، وسعادة للنفس، وكما قال ربنا: (هل جزاء الإحسان إلا الإحسان).

صدقة المشاعر

إن التصدق بالمشاعر، والتبرع بالأحاسيس، وعمل القلب قبل عمل الجوارح يزيل سواد القلب، وينظف ما داخله من دخن، ويخلصه مما شابه من سوء الفعل والقول، وكأن المسح على رأس اليتيم تجديد لنشاط القلب من جديد، وتخلية له من سواده، وتحلية له بعمل هو من أحب الأعمال إلى الله تعالى.

كما أن المسح على رأس اليتيم قد يدفع الإنسان إلى أن يزيد في هذا العمل، فربما كانت صدقة المشاعر دافعة لصدقة الأموال، فقد يصحب الزيارة تصدق بطعام أو شراب، أو كساء جديد لليتيم، أو صدقة من المال له، فيجمع الإنسان بين صدقة القلب وصدقة الجوارح، فيكون كل ما في الإنسان مشغولا بطاعة الله تعالى، والإحسان إلى الغير. وإن كان لين القلب كجائزة من الجوائز الكبيرة، فإن هذه الجائزة قيمة؛ لأن الفعل الذي قام به المسلم ليس محصورا على نفسه، بل تعدى نفعه إلى الغير، وأي غير ينتفع به مثل اليتيم؟! فالذكر يلين القلب، ولكن ليس كالمسح على اليتيم؛ لأن المسح على رأس اليتيم ترجمة للذكر الصادق، بل هو ذكر عملي، كما قال تعالى: (قل إن صلاتي ونسكي ومحياي ومماتي لله رب العالمين. لا شريك له وبذلك أمرت وأنا أول المسلمين). وأن من ذكر الله، ذكره الله تعالى، ذكره باللسان، كما جاء في الحديث:" أنا مع عبدي إذا ذكرني، وتحركت بي شفتاه"، أو ذكره بفعله، بإتيان ما افترض الله تعالى في المقام الأول، ثم بفعل الطاعات غير المفروضة، والتي هي سبيل من سبل محبة الله تعالى، ورفعة الإنسان عنده سبحانه، وخاصة فيما يتعلق بالإحسان إلى الغير. وإذا كان الشاعر الحكيم قد قال: أحسن إلى الناس تستعبد قلوبهم ولطالما استعبد الإحسان إنسانا فإن قصد الإنسان بالإحسان إلى الغير، نزل في قلب ذلك الغير منزلة حسنة، ووهبه الله تعالى لين قلبه وخشوعه. وفي الحديث إشارة لطيفة إلى أن أعمال الإيمان ليست محصورة على العبادات وحدها، وإن كانت العبادات تأتي في القمة؛ فهناك من الأعمال ما يجب أن تصاحب العبادات، وخاصة فيما يتعلق بالسلوك والمعاملة مع الغير، ابتغاء رضوان الله تعالى.

جائزة للجميع

وهذا الحد الذي ذكره الرسول صلى الله عليه وسلم من مسح شعر اليتيم هو الحد الذي لا يستعصي على أحد، ويمكن أن يقوم به كل أحد، فمسح شعر رأس اليتيم يجلب لين القلب، أما كفالة اليتيم، فثوابها صحبة الحبيب صلى الله عليه وسلم، كما قال صلى الله عليه وسلم:" أنا وكافل اليتيم في الجنة هكذا. وأشار بالسبابة والوسطى وفرج بينهما شيئا. (رواه البخاري)، ومع كون العمل الذي يقوم به الإنسان قليلا، لكن يقابله الثواب الكبير في الدنيا، من رقة القلب، ومن مصاحبة النبي صلى الله عليه وسلم في الجنة، والسر في ذلك هو اليتيم، وكأن في اليتيم أسرارا يجب أن ننتبه إليها، وأن يتوجه المجتمع المسلم إلى هذا اليتيم، ليعوضه عما فقد من والده، حتى لا يشعر اليتيم بيتمه، فإن كان غير اليتيم معه والد واحد، فإن الإسلام يأمر أن يكون مع اليتيم آباء كثر، بل شجع على هذا بما لا يدع مجالا للتخلف عن الحصول على جائزة الله، وما يعرض عن هذا إلا قاسي القلب. ولعلها دعوة لعلماء النفس أن يفسروا لنا، احتكاك الأصابع بشعر رأس اليتيم، وأثر ذلك نفسيا على كل من اليتيم ومن مسح على رأسه، فربما ساعدنا ذلك على تفهم سر لين القلب، لنكون أكثر فهما واطمئنانا لشرع ربنا. يتعرض الطفل لمفهوم الموت بشكل يومي، سواء بشكل واقعي من خلال موت أحد الأقارب أو الأصدقاء أو حتى حيوان أو نبات. أو من خلال شاشات التلفزيون التي تعج بأخبار الدمار والقتل. وقد يتعرض له بشكل وهمي من خلال أفلام الكارتون التي تركز على العنف والقتل والخراب. من تلك المواقف تتكون لدى الطفل عدة تساؤلات عن هذا المفهوم وسببه وغايته ومصير الموتى إلى غير ذلك، وإذا أجيب على أسئلته هذه بطريقة مناسبة، فإنه يهدأ ويرتاح معرفيًّا ونفسيًّا، وبالرد على أسئلته بما يناسب سنّه نستطيع حمايته من المخاطر التي تتولد من صدمة الموت إذا ما حلّ قريبًا منه.

تطور مفهوم الموتوحتى يسهل تواصل المربين مع الأطفال، لا بد أن يدركوا خصائص كل مرحلة من مراحل نمو الطفل بصفة عامة وخصائص تطور المفاهيم عنده بصفة خاصة، حتى يتمكنوا من التعامل معه على قدر نموّه المعرفي والاجتماعي. والموت بالنسبة للطفل يتميز بعدة خصائص، منها أنه: - غير طبيعي: فلا يموت الإنسان بدون سبب أو لأن أجله انتهى، بل يجب أن يكون هناك سبب وراء ذلك. - مُعْد: قد ينتقل إلى الأشخاص الآخرين مثل الأمراض المعدية. - ذو صفة انعكاسية: أي أن الميت يعود للحياة؛ لأن الطفل ببساطة يحتاج إليه. المرحلة الأولى: من الولادة إلى ثلاث سنوات: يتخذ الموت عند الرضيع شكل الفراق فقط، أي مفارقة الشخص، وهذا يحدث لديه ما يسمى بقلق الفراق، وهو يتكون من ثلاث مراحل: الاعتراض واليأس، ثم الانفصال وعدم التعلق. فالطفل ينتظر عودة الوالدين بشيء من الغضب والخوف؛ لأن الموت بالنسبة له غير موجود وهو مواز لمفهوم الغياب، والطفل في هذه المرحلة ذو تفكير (عياني) لا يثيره إلا الغياب الجسدي ولا يستطيع تصور فراق لا يمكن معالجته. المرحلة الثانية من ثلاث إلى ست سنوات: فيها يصل الطفل إلى إدراك مفهوم الموت، لكن مع الاعتقاد أنه لا يصيبه ولا يصيب من يحبهم؛ لأنه يعتقد أن حبّ والديه سيحميه من الموت وأن حبه سيحمي من يحبهم. كما يعتقد أن الموتى سيعودون للحياة، فمفهوم الموت والحياة لم يصبحا بعد متناقضين عنده. المرحلة الثالثة من ست إلى عشر سنوات: في هذه المرحلة يكتسب مفهوم الموت عند الطفل طابع اللاعودة، فالطفل يستطيع في هذه الفترة فهم ما يقال له عن الموت، كما يستطيع الحديث عن الموت ويفهم أن الموت شيء حتمي لكل إنسان. يبدأ الطفل في هذه المرحلة في التعامل مع ما يسمى بقلق الموت، فقد تحدث له رؤية موت حيوان ما مواجهة شديدة مع الموت. المرحلة الرابعة من 10 إلى 13 سنة: في هذه المرحلة يتطور فكر الطفل من الفكر (العياني) إلى الفكر المجرد، مما يخول له التفكير في معنى الحياة ويبدأ في طرح تساؤلات حول الموت وحول موته وموت والديه. من خلال تسلسل هذه المراحل نرى أن مفهوم الموت بشكله الصحيح لا يكتسبه الطفل إلا متأخرًا نسبيًّا، حيث لا يبدأ بالتعامل معه بشكل معمق إلا بعد سن العاشرة، لكن هذا لا يعني أن الطفل كان يجهل المفهوم قبل ذلك، بل بالعكس، فهو يشكّل له خبرة مزعجة، حيث يرتبط عنده بالغياب والانفصال في المراحل المبكرة من حياته. إن الطفل وهو يمارس لعبة التظاهر بالموت أو لعبة رمي أحدهم برصاص مسدسه، إنما يرسل رسالة للمحيطين فحواها "إني أرغب في معرفة الرابط بين الموت والحياة". إذن فكيف نحقق للطفل رغبته ونشبعها له قبل أن يجد نفسه وجهًا لوجه أمام الموت
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
https://adelamer.yoo7.com
الدكتور عادل عامر
المدير العام
الدكتور عادل عامر


ذكر
عدد الرسائل : 1585
العمر : 58
تاريخ التسجيل : 23/01/2009

اليتيم في الإسلام Empty
مُساهمةموضوع: رد: اليتيم في الإسلام   اليتيم في الإسلام I_icon_minitimeالجمعة أبريل 03, 2009 11:56 am

فكرة الموت.. كيف نوصلها؟

بعد معرفة سمات المراحل العمرية يتيسر وضع إستراتيجيات مناسبة لبناء المفهوم لدى الطفل، فالموت يرتبط لدى الطفل في مراحله الأولى بالغياب والانفصال؛ لهذا يجب قلب الرابط من: موت = غياب، إلى: موت = لقاء، وذلك عن طريق جعل الموت هو القنطرة التي ستوصلنا إلى لقاء الأحبة وأولهم رسول الله صلى الله عليه وسلم، وقد نربط اللقاء أيضًا بالجدة أو الجد أو غيرهم من الشخصيات المحبوبة لدى الطفل وقد توفاها الله. وقد نجعل من رؤية الله ولقائه عند سؤال الطفل المعتاد "أين الله؟" سببًا في جعل الموت لقاء لا فراقًا. والطفل يعتقد في إمكانية رجوع الموتى إلى الحياة، وهذا المعتقد ليس بعيدًا كل البُعد عن الحقيقة فهو واقعي إذا ما تناولناه من جانب الشريعة الإسلامية، حيث نوصل للطفل أن البعث حقيقي وأن القيامة شيء واقعي، فالموتى سيعودون للحياة من أجل دخول الجنة للصالحين الذين يسلكون السلوك الحسن، فاعتقاد الطفل بعودة الموتى للحياة يجب ألا يقابل بالاستهزاء أو التجاهل، بل يجب أن يستغل ويحوّل إلى عودة الموتى للحياة من أجل دخول الجنة وأن الجنة مكان جميل. على أن نوصل هذه المعلومات للطفل بشكل مشوّق عن طريق القصص القرآني وتفسير القرآن وضرب المثل بقصص الاستشهاديين، وغير ذلك حيث نركز على تصوير الجنة بشكل يجعل الطفل يتوق إليها بشدة ويعتبر الموت شيئًا جميلاً يوصلنا إليها. يعتقد الطفل أيضًا أن الموت لا يصيبه أو يصيب من يحبهم في مرحلة من مراحل حياته، وهذا الاعتقاد يعالج من خلال أساليب بسيطة خاصة الأدعية التي من المفترض أن نعلمها للطفل عند النوم؛ فيتعود الطفل على سماع احتمال موت الإنسان في أثناء نومه، حيث إن الأرواح تصعد عند الله تعالى فيمسك منها من يشاء ويرد منها من شاء. وهكذا يعرف الطفل أنه معرض هو وأحبته للموت في أية لحظة. إن تعويد الطفل على تحديد الأهداف من حياته ومعرفته بمدلول الآية الكريمة: "وَمَا خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالإِنْسَ إِلا لِيَعْبُدُون" ستجيب عن تساؤلاته حول معنى حياته والهدف منها، وغير ذلك من التساؤلات التي تحاصره في المرحلة الأخيرة لتطور مفهوم الموت عنده. وهناك أساليب أخرى يمكن للمربي الرجوع إليها، مثل: - ضرورة تعريض الطفل لخبرة الموت عن طريق تعرضه لموت نبات أو حيوان، مما يجعله يختبر الموت قبل أن يتعرض لموت أحد ما. - عدم التعامل باستخفاف مع حالة وفاة حيوان أليف يقوم الطفل بتربيته لما له من ارتباطات عاطفية معه، والتعامل مع هذا الموقف بشكل جدي يتعلم الطفل من خلاله التعامل مع الموت وحيثياته وإجراءات ما بعد الموت من جنازة ودفن وغير ذلك. - اصطحاب الأطفال في الجنائز والعزاء وصلاة الجنازة وغير ذلك من المناسبات المتعلقة بالموت، وتعويدهم على هذا المفهوم وما يحيط به من مشاعر وسلوكيات. - إجابة الأطفال على تساؤلاتهم بشكل إيجابي غير مخيف وغير مهول لمسألة الموت، مع مراعاة مراحلهم العمرية. - تمثيل مشهد الموت والإجراءات المتبعة بعد ذلك من خلال المسرحيات التي يكون الأطفال أبطالها. خلاصة القول: إن الموت ليس "تابو" نخفيه عن الأطفال بدعوى أنهم لا يفهمون أو أنه لا داعي لإدخال الهم والحزن عليهم فتلك الفكرة مغالطة ندفع ثمنها، ويدفعه الطفل قبلنا عندما يواجه موقف الموت. عند الوفاة.. كيف نتصرف عند الموت، يصبح الجو الأسري مشحونًا بالحزن والانفعال لما يصاحبه من بكاء وغيره من سلوكيات تجعل الموقف برمته جديدًا ومزعجًا للطفل، لكن رد فعل الطفل قد يكون خادعًا، حيث يتسم انزعاجه باللحظية، حيث نراه يلعب ويمرح تارة ويعود لانزعاجه مرة أخرى، فانفعالات الطفل تتسم بعدم الاستمرار وهي وقتية، مما يجعل المحيطين يعتقدون أن الطفل غير مدرك للموقف. ولكن علماء النفس يؤكدون أن استجابة الطفل للموقف بشكل واضح تأتي غالبًا متأخرة، فهو يألم ويحزن للفراق أيضًا مثله مثل البالغين لكنه عكسهم، يعتقد أنه يستطيع التأثير في القدر بحركاته وكلامه، سواء بشكل إيجابي عن طريق تحقيق الأمنيات أو بشكل سلبي عن طريق معاقبته. يجب على البالغين أن يفهموا الطفل كل الإجراءات التي تتبع الموت، ويحاولوا ما أمكن أن يشركوه فيها. ويقترح بعض علماء النفس أساليب تساعد في التعامل مع الطفل في هذا الموقف، مثل: - مشاركته في الجنازة ورؤية الجثة ووجه الميت إذا كان في حالة مناسبة. - مشاركته في العزاء والحداد وصلاة الجنازة وعدم إبعاده اعتقادًا أن ذلك سيحميه. - طرح أسئلة تخص الموقف والمساعدة في الإجابة عنها. - يجب أن يسمح للطفل بممارسة حياته الطفولية الطبيعية باللعب والمرح رغم مأساة الموقف. - الحديث مع الطفل حول أسباب الوفاة وملابساتها وعن الميت ومواصفاته. - الاهتمام بالطفل خلال هذه الفترة؛ لأن الطفل في هذه الفترة يكون منزعجًا وغير مرتاح. - إفهام الطفل أنه ليس السبب في الوفاة وليس بسبب خطأ صدر منه مات قريبه. - السماح للطفل بأن يعبر عن مشاعره وانفعالاته وبالبكاء إذا ما رغب في ذلك. - حماية الطفل من نظرات الشفقة، سواء من الغريب أو القريب. - إتاحة الفرصة أن يطلع على صور الميت والتسجيلات التي تخصه، كما يسمح له بالاحتفاظ ببعض ما يخص الميت. - الإجابة عن تساؤلاته في هذا الموقف بموضوعية. حقيقة يجب أن نعرف أنه ليس من الجائز أو المرغوب فيه إخفاء الموت عن الطفل.. إن حقيقة الموت هي جزء من حقائق الحياة، ومهما طال الزمن أو قصر سوف يصادفها الطفل في طريقه. إن الموقف الطبيعي من الموت يساعد الطفل على تقبل مفهومه بالتدريج وليس بالقلق الشديد. ومن أجل أن نكون قادرين على الاستماع إلى الطفل والإجابة على تساؤلاته، يجب أن نتعرف أولاً على قلقنا الشخصي تجاه الموت، وأن نستطيع الحديث عنه بحُرية، وهذا الموقف الصريح والمفتوح ييسر بشكل كبير الحوار مع الطفل إذا ما تعرض لموقف الموت أو فقد قريب.
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
https://adelamer.yoo7.com
 
اليتيم في الإسلام
الرجوع الى أعلى الصفحة 
صفحة 1 من اصل 1
 مواضيع مماثلة
-
» الإسلام والشعر
» الحب في الإسلام(1)
» الإسلام في شرق إفريقيا
» الرحمة في الإسلام
» البيئة في الإسلام

صلاحيات هذا المنتدى:لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى
منتدي الثقافة القانونية  :: عامر للعلوم الاسلامية :: عامر *الآداب الإسلامية-
انتقل الى: