الإسلام ليس نظاما اشتراكيا ولا رأسماليا
الدكتور عادل عامر
اتهامات أعداء الإسلام له ولأهله لا تنتهي، ولكن في الرد على شبهاتهم تحصين للمسلمين ضدها. فأعداء الإسلام يقولون إنه والرأسمالية سواء، أو أنه دين رأسمالي، لسماحه بالملكية الفردية وحرية التجارة. من حيث المبدأ فإن النظام الاقتصادي هو الذي يبين توزيع الثروة وتملُّكها، والتصرف بها وما شاكل ذلك. وهو في بيانه هذا يسير وَفق وجهة نظر معينة في الحياة. ولذلك كان النظام الاقتصادي في الإسلام غيره في الرأسمالية، لأنّ كل نظام منها يسير حسب وجهة نظر المبدأ في الحياة، بخلاف علم الاقتصاد فإنه يبحث في الإنتاج وتحسينه وإيجاد وسائله وتحسينها، وهذا عالمي عند جميع الأمم، لا يختص به مبدأ دون آخر كسائر العلوم. فمثلاً النظرة إلى الملكية تختلف في النظام الرأسمالي عنها في النظام الاشتراكي والشيوعي، وعنها في الإسلام، بخلاف تحسين الإنتاج فإنّه بحث واقع، والنظرة إليه نظرة علمية، وهي واحدة عند جميع النّاس من حيث النظرة مهما اختلف الفهم.
مفهوم النظام الاقتصادي
والنظام الاقتصادي الرأسمالي يقوم على البحث عن الربح بشتى الطرق والأساليب إلا ما تمنعه الدولة لضرر عام كالمخدرات مثلاً. كما يقوم على تقديس الملكية الفردية وذلك بفتح الطريق لأن يستغل كل إنسان قدراته في زيادة ثروته وحمايتها وعدم الاعتداء عليها وتوفير القوانين اللازمة لنموها واطرادها وعدم تدخل الدولة في الحياة الاقتصادية إلا بالقدر الذي يتطلبه النظام العام وتوطيد الأمن. كما يقوم على المنافسة والمزاحمة في الأسواق.ويقوم أيضًا على نظام حرية الأسعار وإطلاق هذه الحرية وفق متطلبات العرض والطلب، واعتماد قانون السعر المنخفض في سبيل ترويج البضاعة وبيعها.
سلبيات وعيوب الرأسمالية
الرأسمالية، إذًا، نظام وضعي يقف على المساواة مع الشيوعية وغيرها من النظم التي وضعها البشر بعيداً عن منهج الله الذي ارتضاه لعباده ولخلقه من بني الإنسان، ومن عيوبها الأنانية: حيث يتحكم فرد أو أفراد قلائل بالأسواق تحقيقاً لمصالحهم الذاتية دون تقدير لحاجة المجتمع أو احترام للمصلحة العامة. ومن عيوب الرأسمالية أيضًا الاحتكار: إذ يقوم الشخص الرأسمالي باحتكار البضائع وتخزينها حتى إذا ما فقدت من الأسواق نزل بها ليبيعها بسعر مضاعف يبتز به المستهلكين الضعفاء. ولا ننسى المزاحمة والمنافسة: فبنية الرأسمالية تجعل الحياة ميدان سباق مسعور إذ يتنافس الجميع في سبيل إحراز الغلبة، وتتحول الحياة عندها إلى غابة يأكل القوي فيها الضعيف، وكثيراً ما يؤدي ذلك إلى إفلاس المصانع والشركات. وفي الرأسمالية يتأصل الصراع بين طبقتين إحداهما مبتزة يهمها جمع المال من كل السبل وأخرى محروقة تبحث عن المقومات الأساسية لحياتها ، دون أن يشملها شيء من التراحم والتعاطف المتبادل . ونتج عن الرأسمالية ظاهرة خطيرة وهي الاستعمار: ذلك أن الرأسمالية بدافع البحث عن المواد الأولية، وبدافع البحث عن أسواق جديدة لتسويق المنتجات تدخل في غمار استعمار الشعوب والأمم استعماراً اقتصادياً أولاً وفكرياً وسياسياً وثقافياً، وذلك فضلاً عن استرقاق الشعوب وتسخير الأيدي العاملة فيها لمصلحتها . ومن أهم عيوب الرأسمالية أنها تنظر إلى الإنسان على أنه كائن مادي وتتعامل معه بعيداً عن ميوله الروحية والأخلاقية، داعية إلى الفصل بين الاقتصاد وبين الأخلاق. كما يقوم الرأسماليون بإنتاج المواد الكمالية ويقيمون الدعايات الهائلة لها دونما التفات إلى الحاجات الأساسية للمجتمع ذلك أنهم يفتشون عن الربح والمكسب أولاً وآخراً.