تعقد آليات الشورى في العصر الحديث
والشورى مبدأ إسلامي أساسي ورد في القرآن الكريم مرتين في قوله تعالى: {وَأَمْرُهُمْ شُورَى بَيْنَهُمْ}[الشورى:38]. وقوله تعالى: {وَشَاوِرْهُمْ فِي الأَمْرِ}[آل عمران:159]. ويبدو لنا الحزم والقطع في التوجيه: (وشاورهم في الأمر)، و(وأمرهم شورى بينهم). وجمله أمرهم شورى بينهم (إخبار)، والإخبار في اللغة كما يقول علماء البلاغة هو أعلى أشكال الحسم والتحديد، وبالتالي فالكلام هنا لا يمكن حمله على الاختيار والمفاضلة، بمعني إذا شاء الحاكم أن يشاور فعل، وإن لم يشأ لم يفعل، فصيغة الأمر هنا واضحة جدا. في مرحلة دولة المدينة كان العالم الإسلامي محصورا في مدينة واحدة ويمكن أن تجرى الاستشارات في يوم وليلة دون آليات معقدة لتحقيق الشورى.. الآن وبعد اتساع المجتمع الإسلامي وتباعد الأقطار الإسلامية تعقدت آليات تمثيل الشورى.. وكان لا بد من وضع نظام وآلية دقيقة وواسعة، هذه الأنظمة والآليات لا تختلف مع ما نسميه اليوم النظام الديمقراطي.. لا أتصور أن هناك اختلافا إذ كيف تتحقق الشورى دون مجلس شورى؟ وكيف يتكون هذا المجلس إذا كنت أريد أن استشير شعبا تعداده بالملايين؟ لا بد إذن أن تكون هناك انتخابات.. إذن الديمقراطية نفسها هي مبدأ الشورى نفسه.. الشورى فريضة ملزمة، ولو أن المسلمين التزموا بها وحققوها في حياتهم على مدار التاريخ لتطور نظام الشورى ولأصبح له آليات تحدده وتوسع إطاره ومساحته ولأمكن للمسلمين أن يكتشفوا الديمقراطية قبل أن يكتشفها الغرب مع توافر ضمانات قيمية وأخلاقية تتصل بالإسلام تصونها وتحميها من أي تلاعب.