ثالثًا: التلاعب في عرض الأسعار:
تقوم كافة الأسواق بعرض أسعار كافة الصفقات التي تتم فيها، وتسمح لبعض القنوات الفضائية بعرضها، ويعد هذا من مميزات البورصات، ويحدث في كثير من الأحيان تلاعب في عرض شريط الأسعار كالتالي:
* يقوم بعض الأفراد بشكل غير معلن عندما تبدأ الجلسة بالاتفاق على محاولة تثبيت سعر رخيص للسهم بعيدًا عن السعر الفعلي حتى إذا شاهده البعض انخدع به، ومن ثم يبدأون في البيع بأسعار منخفضة خوفًا من انخفاضاتٍ أخرى. * يظهر سعر على الشاشات أعلى من السعر الفعلي فيتخذ البعض قرار البيع ليواجه بعد ذلك بأن السعر أقل مما شاهد. * يقوم صانعو السوق بتثبيت سعر رخيص عند الإغلاق ليوهموا الآخرين بسلسلة هبوط في الأسعار فيقومون بالبيع بهذا السعر.
رابعًا: تقديم بيانات غير صحيحة عن ميزانية الشركات، أو سياسة الشركة، وتعاملاتها:
للبيانات التي تقدمها الشركات عن أعمالها وميزانيتها، وتوسعاتها، أو البيانات التي تحرص على حجبها وكتمانها الأثر الكبير في حركة الأسواق ونموها أو خسارتها، وكثيرًا ما تعمد الشركات إلى تقديم ميزانيات غير صحيحة تغريرًا بجمهور المتعاملين وعموم الناس، أو تعمد إلى نشر أخبار عن الشركة تتعلق بتوسعاتها وطموحاتها، وأرباحها وكلها أخبار كاذبة، كما قد تحرص على حجب بعض المعلومات التي تهم المستثمر أو المراقبين لحركة السوق.
الحكم الشرعي للممارسات المتعلقة بالتضليل والكذب:
لقد حرم الإسلام غش المسلم لأخيه المسلم بل الغش مطلقًا، وكذا الخداع والاحتيال، والخيانة، والكذب، والكتمان، وأمر بالصدق والأمانة والوضوح والشفافية.
روى البخاري ومسلم عن حكيم بن حزام قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "البيعان بالخيار ما لم يتفرقا، فإن صدقا وبينا بورك لهما في بيعهما، وإن كذبا وكتما محقت بركة بيعهما" وعند مسلم وغيره عن أبي هريرة- رضي الله عنه- أن رسول الله- صلى الله عليه وسلم- قال: "لا تهجروا، ولا تدابروا، ولا تحسسوا، ولا يبيع بعضكم على بيع بعض، وكونوا عباد الله إخوانًا" وعنده "من غش فليس مني" وعند الترمذي: "المسلم أخو المسلم لا يخونه، ولا يكذبه، ولا يخذله.." وعند مسلم والترمذي عن أبي ذر- رضي الله عنه- عن النبي- صلى الله عليه وسلم- قال: "ثلاثة لا ينظر الله إليهم يوم القيامة ولا يزكيهم ولهم عذاب أليم"، قال: فقالها رسول الله- صلى الله عليه وسلم- ثلاث مرات، فقلت: خابوا وخسروا، من هم يا رسول الله؟ فقال: "المسبل، والمنان، والمنفق سلعته بالحلف الكاذب"، وفي روايات أخرى: "ورجل جعل الله بضاعته لا يشتري إلا بيمينه، ولا يبيع إلا بيمينه" في أخرى: "اتخذ الأيمان بضاعته يحلف في كل حق وباطل".
وعند أحمد من حديث عبد الرحمن بن شبل قال: سمعت رسول الله- صلى الله عليه وسلم- يقول: "إن التجار هم الفجار"، قالوا يا رسول الله: أليس الله قد أحل البيع؟ قال: "بلى، ولكنهم يحلفون فيأثمون، ويحدثون فيكذبون".
خامسًا: الشراء بغرض الاحتكار:
ويقصد به قيام شخص أو مجموعة بالعمل على شراء جميع الكميات المعروضة من سهم ما، بغرض تحقيق نوع من الاحتكار يمكنه فيما بعد من بيع السهم للراغبين في شرائه بالسعر الذي يراه، أو للانفراد بصناعة القرار في الشركة صاحبة السهم.
ومعظم البلاء في الأسواق سواء أكانت تقليدية أم غيرها يحصل بسبب الاحتكار؛ ولذلك اعتبره الإسلام جريمة تستوجب الطرد من رحمة الله عز وجل، فالمحتكر ملعون، وبرئت منه ذمة الله ورسوله، روى ابن ماجه عن عمر قال: قال رسول الله- صلى الله عليه وسلم- "الجالب مرزوق والمحتكر ملعون"، وعنده من حديث أبي هريرة- رضي الله عنه- قال: قال رسول الله- صلى الله عليه وسلم- "من احتكر حكرة يريد أن يغلي بها على المسلمين فهو خاطئ وقد برئت منه ذمة الله" وعند أحمد والطبراني عن معقل بن يسار قال: قال رسول الله- صلى الله عليه وسلم- "من دخل في شيء من أسعار المسلمين ليغليه عليهم كان حقًّا على الله أن يقعده بعظم من النار يوم القيامة".
سادسًا: قيام بعض رجال الحكومة والمسئولين في الدولة بالتعامل في البورصة مباشرة أو من خلال آخرين:
من أخطر ما يصيب البورصات وغيرها من مؤسسات أسواق المال أن يتحول أفراد الحكومة ورجالها إلى تجار فيها، يتربحون منها، ويستثمرون سواء أكان ذلك بطريقة مباشرة وهو ما لا تسمح به كثير من الأنظمة أو بطريق غير مباشر عن طريق وكلاء أو سماسرة يتجرون نيابةً عنهم.
ويترتب على قيام المتنفذين بالدولة بممارسة مثل هذه الأعمال فساد السوق واضطرابه، إذ يعمل هؤلاء لمصلحتهم أولاً قبل مصلحة الأمة، ويسخرون الدولة وأنظمتها لمصلحتهم، وفي حديث أبي الأسود عن أبيه عن جده مرفوعًا "ما عدل والٍ اتجر في رعيته".
سابعًا: تلاعب شركات الوساطة المالية، والمكاتب الاستشارية والتحليل المالي والفني:
أحيانًا تقوم شركات السمسرة وهي المخول لها نظام في معظم دول العالم بالوكالة عن الأفراد في الاستثمار في البورصات بالتلاعب في السوق عن طريق استخدام المعلومات الداخلية، أو التلاعب في تحريك أسعار الأسهم هبوطًا وصعودًا لتحقيق أرباح استثنائية غير مشروعة، وربما قامت بالتصرف في أسهم العملاء دون الرجوع إليهم، وقد تقوم بعض المكاتب الاستشارية والتحليل الفني بتقديم معلومات وتحليلات كاذبة عن السوق وعن الشركات الصاعدة وغير الصاعدة، وهي في ذلك قد تعمل لمصلحة صناع السوق.
وهذا السلوك شرعًا هو كذب وتضليل وخيانة للأمانة وكلها جرائم شرعية.