وفي مجال إدارة مخاطر التغير التقني ثمةَ تحدّيات تواجه الدول النامية، ومتطلّبات ضرورية لنجاح الاستراتيجيات الوطنية بتشجيع الإبداع والاختراع والابتكار التقني وبإعادة بناء وهيكلة المنظومات التعليمية بما يتواءم مع تحدّيات عصر الشبكات (العصر الرقمي)؛ ومن المفيد في هذه الاتجاهات ضمان التمويل اللازم لإنشاء مؤسَّسات علْمية إقليمية وهذا أكثر ما يلزم العرب ويُناسبُهم أيضاً، ويُعاني العالم العربي النامي من الشرْخ الكبير أو الهوة (الفجوة) بين الجدول العالمي لأعمال البحث والتطوير Rao والاحتياجات البحثية له، فالبحوث العالمية كثيراً ما لا تتجاوب فعلياً مع حاجاتهِ الواقعية بل تتجاوب أكثر مع حاجات العالم المتقدم الصناعي صاحب السَّبْق والقرار والتأثير في هذا المجال حتى الآن، تنظيماً وتمويلاً وابتكاراً...
وكعنصر من العولمة كظاهرة إجمالية ثمةَ عولمة العلم والبحْث والتطوير مما يجد انعكاساتِه على البلْدان العربية والنامية –وحتى على سورية ولبنان كتحصيل حاصل، وظهرتْ الشبكات البحْثية: إنّها الرقميّة من جديد في مجال البحوث أيضاً والتعاون العْلمي الدولي، وثمةَ بيانات لتدويل وعولمة (كوكبة) حتى المقالات العلْمية المنشورة، وتوضيح هذه البيانات أنه حتى في بلد مثل تونس العربية كان ثمةَ مَيل متصاعد لزيادة عدد الجنسيات الأخرى بين الكتّاب المتعاونين في نشر المقالات العلْمية، وإذا كان هذا المؤشِّر لأعوام 1988-1986 حوالي 24، صار عن أعوام 1997-1995 حوالي 48 أيْ أنه تضاعف، وكانت ميول كهذه إلى التدويل العلمي والكوكبة البحْثية تزداد تصاعدياً أيضاً في أكثر الدول، والتي تناولتْها بيانات برنامج الأمم المتحدة الإنمائي، مثل: الولايات المتحدة والمملكة المتحدة واليابان والبرازيل والصين والمجر وكينيا وجمهورية كوريا وتونس (كما لاحظْنا).
إن تشجيع الإبداع والاختراع والابتكار التقني يقتضي خلْق البيْئة المشجِّعة بدايةً، وكذلك إنشاء رؤية للتقنية، وتطوير خدمات الاتصالات السلكية واللا سلكية وجعلها منافِسةً، وقد أشارت إحصائيات مقارنة إلى أنَ تكلفةَ الاتصال بالانترنيت (التكلفة الشهرية كنسبة مئوية من متوسط الدخل الشَّهري) تعكس فجوةً (هوة) كبرى في هذا المجال بين الدول النامية والأُخرى المتقدِمة (وخصوصاً الولايات المتحدة)، ويبلغ هذا المؤشِّر المذكور في الولايات المتحدة الأمريكية 1.2% من متوسط الدخل الشّهري، بينما يبلغ في الدول النامية نِسَباً مرهقة وغير عملية ولا واقعية، مثلاً في: سريلانكا- 60%، في بوتان- 80%، بنغلادش- 191%، وفي نيبال- 278% [الحسابات مرتكزة إلى اتحاد الاتصالات الدولي 2000 والبنك الدولي 2001...]
ومن الصعب الحديث هنا عن رفاه أو كماليات الإنترنيت في دول كهذه وفي العالم النامي إجمالاً، بل الأجدى الكلام على لا واقعية أوْ صعوبة أو شبه استحالة الإنترنيت شعبياً في ظل ظروف كهذه من التكلفة ونسبتِها. إن المعطيات العالمية توضح أيضاً توزُّعَ قِطاعات الاتصالات السلْكية واللا سلْكية المختلفة (هاتف محلي، مسافات بعيدة: محلية ودولية، هاتف خلوي رقمي، سوق الأقمار الصناعية: المتحركة والثابتة، خدمة الإنترنيت) بين ممارسات: الاحتكار، أو الاحتكار الثنائي، أو المنافسة؛ وأن الاحتكار هو الغالب في أكثر الدول وأكثر القطاعات المذكورة، عدا قطاعات: الهاتف الخلوي الرقمي وسوق الأقمار الصناعية المتحرِكة وخدمة الإنترنيت (وهي القطاعات الأحدث تقنياً –اتصالياً)، حيث تسود هنا المنافَسة بوضوح وأغلبية أكيدة بين دول العالَم؛ وتمويل التعليم يتطلب أيضاً وغالباً مزيجاً من المسؤولية العامة والخاصة، وقد باتت منذ الآن جامعاتٌ عديدة في البلدان النامية تَختبر أو تُطبّق نظماً تعليميةً تعتمد على شبكة الإنترنيت.
))))
. )))))التحدي التكنولوجي والمعلوماتي