ثالثا : النظام الرئاسي
فى النظام الرئاسى الشعب يختار رئيس الجمهورية وايضا المجلس التشريعى (الكونقرس) ويتوقعهما ان يراقبا بعضهم البعض. ففى هذا النظام رئيس الجمهورية هوالمسؤول الاول فى السلطة التنفيدية وهو بالتالى مسؤول مسؤلية كامله على ما يدور فى ادارتة. والرسم التوضيحى التالى يشرح كيفية العلاقة بين السلطات الثلات (التشريعية والتنفيدية والقضائية) فى هذا النظام:
ولعل من أهم ما يميز النظام الرئاسى هو مبدا "الفصل بين السلطات." أى ان هذا النظام يقوم على فكرة الفصل شبة الكامل بين السلطات الثلات (التشريعية والتنفيدية والقضائية). وفقا للدستور الامريكى على سبيل المثال ان مهمة صنع (أتخاد) القوانين هى من أختصاص البرلمان (الكونقرس) فقط, ومهمة تنفيد هذه القوانين هى من أختصاص السلطة التنفيدية (الرئيس) فقط, ومهمة تفسير وتأويل هذه القوانين هى من أختصاص السلطة القضائية وخصوصا المحكمة العليا فقط. والى جانب مبدا الفصل بين السلطات يوفر الدستورالامريكى مبدا ثانى -- يكمل المبدأ الاول -- هو مبدا "المراقبة والتوازن بين هذه السلطات." بمعنى اعطاء حق المراقبة لكل سلطة على السلطات الاخرى من اجل تحقيق التوازن بينهم. فعلى سبيل المثال كل قرار يعتمده البرلمان يشترط مصادقة الرئيس عليه لكى يصبح قانونا. وللرئيس حق رفض (أونقد) اى قرار لا يتفق مع سياساتة. وفى حالة رفض الرئيس اى قرار أصدره البرلمان يحق للبرلمان الغاء اعتراض (أو نقد) الرئيس بموافقة ثلثى أعضاء كل مجلس فى البرلمان (الكونقرس). وفى حالة نجاح البرلمان فى ألغاء أعتراض الرئيس وجعل هذا القرار قانونا يحق للرئيس (أوأى مواطن اّخر) الرجوع الى المؤسسات القضائية لتحدى دستورية هذا القانون.
مزايا النظام الرئاسي :
(1) رئيس الجمهورية هو رئيسا للدوله وللحكومة فى نفس الوقت ويتم أنتخابة من قبل الشعب مباشرة. وبالتالى فلا توجد علاقة مباشرة (رسمية) بينه وبين البرلمان وبالتالى لا يعتمد على ارضاء البرلمان فى أتخاد قراراته. (2) يمكن القول بأن النظام الرئاسى هو أكثر الانظمة أستقرارا لأسباب عديدة لعلى من أهمها ان موعد الانتخابات ثابت ويحدده القانون. فرئيس الجمهورية وأعضاء البرلمان يتم أنتخابهم لفترات زمنية تابتة. وفى بعض المناصب قد يحدد القانون مدة محددة للبقاء فى المنصب. فعلى سبيل المثال لقد ثم تعديل الدستور الامريكى عام 1951 (فيما عرف بالتعديل الثانى والعشرون للدستور) وثم بموجب ذلك تحديد فترة الرئاسة الى فترتين (كل فترة أربع سنوات) فقط. (3) لايوجد رئيس للوزراء فى هذا النظام ومجلس الوزراء (أو الامناء كما يطلق عليهم فى النظام الامريكى) يختاره رئيس الجمهورية لمساعدته فى تنفيد سياساته. ولايجوز الجمع بين عضوية البرلمان والمنصب الوزارى أو اى منصب وظيفى اّخر فى الحكومة أو خارجها. (4) فى هذا النظام يمكن تحقييق التوازن والمراقبة بين السلطات الثلات بسهولة.
عيوب النظام الرئاسي :
(1) لعل من أهم عيوب هذا النظام هو انه قد يقود الى تصادم السلطة التنفيدية مع السلطة التشريعية خصوصا اذا تعارضا برامجهما السياسية. ففى أمريكا على سبيل المثال قد حدت هذا عام 1995 عندما تعارضت سياسات الرئيس وليم كلنتون (من الحزب اليمقراطى) مع سياسات الجمهوريين الذين سيطروا على الكونقرس عام 1994. وكانت نتيجة هذا التصادم تعطيل العمل فى المؤسسات الفدرالية لعدة أيام وكلفة الدولة مئات المليارات (ريمر 1997, ص262). (2) ونتيجة لوجود مبدا الفصل بين السلطات فأنه فى حالة حدوت تصادم بين السلطة التنفيدية والسلطة الشريعية يكون من الصعب الوصول الى حل (أو حل وسط) وذلك لغياب الاليات الدستورية التى يمكن الرجوع اليها (ما عدا الانتخابات التى يحددها القانون) لحل هذا الاشكال. ولا يمكن الرجوع الى الشعب الا فى الانتخابات القادمة. و(3) ونتيجة لوجود مبدا الفصل بين السلطات فأنه من الصعب تحميل المسئولية الى أى طرف ويصبح من السهل التهرب من تحمل هذه المسئولية وتصبح السياسة السائدة هى: "سياسة الاتهام (أوأللوم)" لبعضهم البعض.
رابعا : الخاتمة : أي هذه الانظمة أحسن؟
فى الحقيقة لا يوجد نظام سياسى أحسن من كل الانظمة الاخرى. فلكل نظام مزايا وعيوب. والذى يجب البحت عليه هو: ما هو النظام السياسى الأنسب لبلادنا ولشعبنا ولظروفنا ولاتحديات التى تواجهنا اليوم؟ وفى أعتقادى ان الذى يناسبنا اليوم ومن الممكن أن يحقق لنا الاستقرار والسلام والحرية والعدل هوالنظام الرئاسى مع أضافة بعض الضوابط عليه. وذلك لأسباب عديدة لعل من أهمها:
(1) أننا نعيش اليوم ثقافه سياسيه أستبدادية لا يمكن -- فى تصورى -- التخلص منها الا بالفصل شبه الكامل بين السلطات مع توفير مبدا "المراقبة والتوازن" أيضا.
(2) غياب مبدأ احترام قواعد اللعبة لذا الاغلبية العظمى من سياسيونا. فكل الحكام العرب بل وقد أقول كل الذين يمارسون السياسة فى الوطن العربى (ألا من رحم ربى) لا يؤمنون بقانون "الجادبية السياسية." بمعنى كلما يصعد السياسى العربى الى أعلى كلما رفض النزول الى أسفل ولن ينزل الا بالموت الطبيعى كما حدت للملك فهد والملك حسين والملك الحسن, أوبالاغتيال كما حدت للرئيس السادات والملك فيصل, أوبالجنون كما حدت للرئيس بورقيبة, أو بالشنق كما حدت لصدام حسين, أو بالانقللاب كما حدت لأغلب الحكام العرب.
(3) غياب الثقة بين الحكام والمحكومين فى منطقتنا. فمن الصعب اعطاء أى حاكم عربى هذه الايام ما أعطى الدستور الفرنسى لرئيس الجمهورية ويتوقع منه أن يحترمه. وعليه فى تصورى المتواضع لابديل لنا من تبنى النظام الرئاسى على الاقل فى المدى القريب برغم من كل عيوبه أذا أردنا بناء دولة متطورة وعصرية ...