وبالنظر إلى الوضع الحالي في القانون الدولي بالنسبة لتطبيق هذا المبدأ فإنه ليس لدينا ما يؤكد تطبيق هذه المبدأ بحرفيته فبعض الدول تطبق مبدأ الحصانة المقيدة والبعض الآخر قد يأخذ بالمطلقة وحتى الدول التي أخذت بمبدأ الحصانة المقيدة واجهت صعوبات في تطبيقه خاصة في مرحلة التنفيذ أي تنفيذ الحكم الصادر لذا حاولت بعض الدول التفريق بين حصانة اختصاص المحاكم والحصانة من تنفيذ الحكم، فمثلاً تشريع بريطانيا ينص على أن الأموال التي تخص الدول الأجنبية إذا استُعملت بغرض تجاري يجوز للمحاكم أن تصادر وتنفذ حكمها بالاستيلاء علـى هذه الممتلكات التابعة للمؤسسات أو الهيئات أو الحكومـات الأجنبيـة.
وأيضاً واجهت الدول صعوبات في تحديد المعيار الذي يحدد بموجبه أن هذا الفعل من أفعال السيادة أم من أفعال التجارة لكن عموماً يوجد أربع معايير طبقتها المحاكم في معظم الدول لتصنيف أفعال الدول (سيادية أو تجارية) وهي:-
1- هل الصفقة تمت على أساس أو على علاقة بقانون خاص فإذا قصد الأطراف أن تحدد هذه العلاقة بواسطة القانون الخاص فيكون حينئذ للمحكمة اختصاص.
2- بالنظر إلى طبيعة الصفقة أهي من الصفقات التي يجوز لأي فرد الدخول بها وإبرام عقدها وبالتالي يجوز الاختصاص أم هي من الصفقات التي لا يجوز للأفراد الدخول فيها لا تملك المحكمة الاختصاص (كالأسلحة).
3- تحديد نوع الفعل بالنظر إلى الغرض منه فإذا كان الغرض من الفعل عام في هذه الحالة يعتبر عمل سيادي وبالتالي لا تملك المحكمة الاختصاص ولكن إذا كان الغرض من الفعل تحقيق منفعة أو ربح يكون عمل تجاري يعطي للمحكمة الحق فـي الاختصـاص.
في قضية Foctory Case
قامت شركة تابعة للحكومة الأسبانية بتأجير سفينة من شركة أجنبية وكان الغرض من تأجيرها ترحيل ذرة لأسبانيا. وقد نص في العقد أنه في حالة نشوء نزاع يحال النزاع إلى التحكيم في نيويورك. حدث نزاع بين الشركة الأجنبية والشركة الأسبانية الحكومية حيث رفع النزاع إلى التحكيم في الولايات المتحدة، رفض التحكيم على أساس أن ذلك الفعل التي قامت به الشركة الأسبانية ليس من أفعال السيادة.
رجعت المحاكم الأمريكية إلى تحديد الفعل وناقشت مبدأ الحصانة المقيدة والمعايير التي تتبعها المحاكم وبالتالي رجعت إلى عقد إجارة السفينة ووجدت أن ترحيل الذرة لأسبانيا كان لغرض تجاري أكثر من أنه يتمتع بصفة أعمال السيادة وبالتالي قررت أنه يجوز للمحاكم النظر في هذه الدعوى. وحتى لو كان العقد قد تم من قبل مؤسسة حكومية أسبانية إلا أن الغرض منه شحن الذرة إلى أسبانيا ومن ثم بيعه إلى الأفراد وبالتالي يعتبر عمل خاص.
4- عموماً للمحكمة أن تنظر في كل قضية على حدة وبموجب ذلك تقرر أن هذا الفعل من أعمال السيادة أم من الأفعال التجارية لأن المحاكم لا يجوز لها النظر في طبيعة الصفقة.
فقهاء القانون الدولي وجدوا أن هناك بعض حالات يجب أن تُصنف على أساس أنها من أفعال السيادة بدون النظر أو تطبيق المعايير الأربعة التي ناقشتها المحاكم وهي:-
1- بعض الصفقات التي تبرمها الدول ذات السيادة وتخضع لأحكام القانون الدولي.
2- التشريعات التي تصدر في دولة أخرى، فلا يجوز النظر فيها أمام محاكم الدول الأخرى والتي تتضمن السيادات الخارجية والسياسية لدولة أخرى.
3- العقود التي تبرم بين الدول لإنشاء مؤسسات حكومية تعتبر خاضعة للقانون الدولي وليس للمحاكم المحلية.
وهناك حالات ذكرها الفقهاء اعتبروها تجارية يجوز النظر من قبل المحاكم فيها:-
1- كل العقود التي تبرم مع الأفراد.
2- النزاع القانوني الذي ينتج عن علاقة قانون خاص مثل الفعل الذي يتعلق بالشراء والدعاوى التي تتعلق بالموت نتيجة الإهمال. فيجوز للمحاكم المدنية النظر فيها أيضاً.
3- الالتزامات المالية في دولة أجنبية.ورد في كتاب (أعمال لجنة القانون الدولي – الطبعة الرابعة – الأمم المتحدة) ومن المواضيع الرئيسية والفرعية التي هي الآن قيد نظر اللجنة (حصانات الدول وممتلكاتها من الولاية). نظرت اللجنة في أثناء دورتها التاسعة والعشرين المعقودة في عام 1977 في المواضع الإضافية التي يمكن دراستها عقب تنفيذ برنامج العمل الجاري وأوردت في تقريرها فرعاً عن ذلك وأوصت اللجنة باختيار موضوع حصانات الدول وممتلكاته من الولاية لكي تنظر فيه بصورة فعالة في المستقبل القريب مراعية أهمية العملية اليومية وملاءمته للتدوين والتطوير التدرجي. وفي القرار 33/ 151 المؤرخ في 19 كانون الأول/ ديسمبر 1977 دعت الجمعية العامة لجنة القانون الدولي إلى القيام في وقت مناسب وفي ضوء التقدم المحرز بشأن مشروع المواد المتعلق بمسؤولية الدول عن الأفعال غير المشروعة دولياً. والمواضيع الأخرى المدرجة في برنامج عملها الحالي بمباشرة دراسة موضوع حصانات الدول وممتلكاتها من الولاية. وأنشأت اللجنة أثناء دورتها الثلاثين المعقودة في عام 1978 فريقاً عاملاً للنظر في مسألة الأعمال المقبلة بشأن الموضوع وتقديم تقرير عنها إلى اللجنة، وأحاطت اللجنة عملها بتقرير الفريق العامل وقررت على أساس التوصيات الواردة أن تضمن برنامج عملها الحالي موضوع (حصانات الدول وممتلكاتها من الولاية) وكما عينت السيد سومبونغ سو شار تيكول مقرراً خاصاً للموضوع ودعته إلى إعداد تقرير أولى في وقت مبكر لكي تتولى اللجنة النظر فيه كما طلبت اللجنة إلى الأمين العام دعوة حكومات الدول الأعضاء إلى تقديم الموارد المتصلة بهذا الموضوع بما في ذلك التشريعات الوطنية وقرارات المحاكم الوطنية والمراسلات الدبلوماسية والرسمية وطلبت من الأمانة العامة إعداد ورقات عمل ومواد بشأن هذا الموضوع حسبما تدعو الحاجة. وكان معروضاً على اللجنة في دورتها الحادية والثلاثين المعقودة عام 1979 تقرير أولي بشأن الموضوع قدمه المقرر الخاص وصمم التقرير بحيث يعرض صورة عامة للموضوع دون اقتراح أي حل بكل مسألة من المسائل الموضوعية المحددة أو لأي منها وانبثق خلال المناقشة توافق في الآراء على أنه ينبغي للمقرر الخاص أن يواصل دراسته للموضوع في المستقبل القريب مركزاً على المبادئ العامة وقاصراً بذلك مجالات اهتمامه المبدئية على المحتويات الموضوعية العناصر المكونة للقواعد العامة لحصانات الدول من الولاية.