الدكتور عادل عامر المدير العام
عدد الرسائل : 1585 العمر : 58 تاريخ التسجيل : 23/01/2009
| موضوع: نظرية الحق الإثنين مارس 09, 2009 9:27 am | |
| نظرية الحق إن الغرض من التنظيم القانوني في أي مجتمع من المجتمعات هو إيجاد أدوات تنظيم العلاقات والمعاملات التي تدخل في دائرة اهتمام القانون, وذلك من أجل تحقيق الاستقرار والانضباط بين أطراف هذه العلاقات والمعاملات وتحسين مناخ التعامل , بالإضافة إلى وضع الآليات الكفيلة بحفز المجتمع نحو الارتقاء وتحسين الظروف الاجتماعية والاقتصادية للأشخاص المخاطبين بأحكامه. ومما لا شك فيه أن تحديد حقوق وواجبات المخاطبين بأحكام القانون هو أمر لازم من أجل تحقيق غايات القانون السالف بيانها والتي من أهمها استقرار المجتمع, حتى يطمئن كل فرد من أفراد المجتمع على حماية النظام القانوني لمصالحه المشروعة ويعمل في ظل هذه الثقة والشعور بالحماية القانونية لحقوقه ومصالحه ضد أي اعتداء أو تعسف قد يبادر به أي شخص آخر, وحيث أن تنظيم سلوك الأفراد في المجتمع من خلال تنظيم الروابط والعلاقات التي تنشأ بين أفراد المجتمع مع تحديد حقوق كل من أشخاصه والتزاماته هي الوظيفة الرئيسية للقانون, لذلك فإن التزاحم والتعارض بين رغبات ومصالح الأشخاص الذين يخاطبهم القانون يؤدي بالضرورة إلى توجيه القانون لترجيح المصالح الأولى بالرعاية وإلى فرض القيود التي تمنع من طغيان شخص على حقوق شخص آخر أو على مصلحة الجماعة أو على مقتضيات النظام العام أو الآداب العامة. و في إطار ما تقدم, فإنه يجدر بنا أن نوضح أيضاً أن تنظيم القانون للحقوق هو تنظيم يقوم على أساس من تحقيق التوازن بين الحقوق والمصالح , ذلك أن كل مصلحة يحميها القانون يقابلها في ذات الوقت تكليفات وواجبات علي عاتق الأشخاص الأخرى, سواء كانت تلك التكليفات إيجابية بضرورة القيام بعمل أو بإعطاء شيء, أو كانت هذه التكليفات سلبية كإلزام الغير بالامتناع عن التعرض لصاحب الحق في ممارسته لسلطاته عليه. كذلك فإنه من الجدير بالذكر أن نوضح أن تقرير القانون للحقوق لأحد الأشخاص ليس مطلقاً بل هو مقيد بعدم الإضرار بالحقوق المقررة لأشخاص آخرين وعدم الإضرار بمصلحة المجتمع. ـ ومما تقدم يبين مدى ارتباط الحاجة إلى سن التشريع بالحقوق محل التنظيم , ذلك أن القانون هو الذي يعطي الحق وجوده القانوني ويسبغ عليه الحماية اللازمة لاعتباره حقا قانونياً يخول لصاحبه السلطات المترتبة على ذلك الوجود ويخوله اللجوء إلى السلطة المختصة لدرء الاعتداء على هذا الحق. كذلك فإن القانون هو الذي يمنح الأفراد السلطة أو القدرة علي الانتفاع بالأشياء واستخدامها كما يمنحهم القدرة على القيام بالتصرف في هذه الحقوق وما يترتب على ذلك من آثار قانونية, وهكذا وفي ذات الوقت الذي يمنح فيه القانون هذه السلطات – كلها أو بعضها – لشخص من الأشخاص على شيء من الأشياء أو في مواجهة أحد الأشخاص , فإن تلك السلطات يتم إطلاق مصطلح "الحقـوق" عليها متى وفر لها القانون الحماية اللازمة في مواجهة ما قد يقع عليها من اعتداء. لذلك فإنه وفي الحالات التي يقرر فيها المشرع حقاً لأحد الأشخاص , فإن مقتضى ذلك أن يكون لهذا الشخص وحده الحق في ممارسة السلطات التي يخولها له القانون على نحو استئثاري يمنع الغير من مشاركته فيها أو التعرض لـه بأي شكل من الأشكال. كذلك فإنه وحينما يقرر القانون حقاً لأحد الأشخاص , فإنه يمنح صاحبه سلطة الحصول على منافعه من خلال مطالبة الملتزم بأمر معين أو أداء معين بالوفاء بالالتزامات الناجمة عن الحق وما يترتب عليه من سلطات في مواجهة المدين بالالتزام. أخيراً, فإنه ومتى ما تقرر الحق لأحد الأشخاص بموجب القانون , فإنه يفرض ضمانات حمايته, ويرسم حدود هذا الحق والقيود الواردة عليه ؛ ذلك أن القانون وفي ذات الوقت الذي يضع فيه ضمانات حماية الحق والتي تكفل منع الغير عن إعاقة صاحب الحق عن الاستمتاع بحقه والاستئثار به, فإنه قد يضع بعض القيود علي صاحب الحق مستهدفاً ضمان عدم قيام صاحب الحق بالتعسف في استعمال حقه. | |
|