عثمان، وأوجب الإسلام عليهم الحد، فلم يخطر على بال عائشة وكل الذين كانوا معها وفي مقدمتهم طلحة والزبير المشهود لهما من النبي صلى الله عليه وسلم بالجنة أنهم سائرون ليحاربوا عليًّا، ولم يكن يخطر ببال علي أن هؤلاء أعداء له وأنهم حرب عليه, فجاءت عائشة ومن معها للمطالبة بإقامة الحد على الذين اشتركوا في جناية قتل عثمان وما كان عليّ ـ وهو من هو في دينه وخلقه ــ ليتأخر عن ذلك إلا أنه كان يرى أنه ليس من المصلحة تتبع قتلة عثمان الآن حتى تستتب الأمور، فَقَتْلُ قَتَلَة عثمان متفقٌ عليه، وإنما الاختلاف إنما هو متى يكون ذلك. وبعد الاتفاق نام الجيشان بخير ليلة وبات قتلة عثمان بشر ليلة لأن الاتفاق عليهم، وهذا ما ذكره المؤرخون الذين أرخوا للمعركة مثل الطبري ( 3 / 517 )، وابن كثير في البداية والنهاية ( 7 / 2509 ) وابن الأثير في الكامل 3 / 120 ) وابن حزم في الفصل ( 4 / 293 ) وغيرهم. فلم يهدأ للقتلة بال وأجمعوا على ألا يتم هذا الاتفاق وفي السحر والقوم نائمون هاجموا جيش طلحة وقتلوا بعض أفراده، فظن جيش طلحة أن جيش علي غَدَر بهم فاشتعلت المعركة، وقد حاول علي وطلحة وعائشة رضي الله عنهم وقف القتال فلم يفلحوا ( راجع: الطبري 5 / 190 ـ 194 ). ثالثا: علي رضي الله عنه أقرب الطائفتين للحق لكن لم يصب الحق كله؛ لأن الرسول صلى الله عليه وسلم قال عنه: (( الأقرب إلى الحق )) أو (( الأولى بالحق )) لا أنه على الحق كله. وليس هذا طعنا في علي ولكن لأن الذين امتنعوا عن المشاركة في الفتنة من الصحابة هم الذين كانوا على الحق فالسلامة لعلي رضي الله عنه كانت في الإمساك عن القتال ولذلك ندم علي رضي الله عنه لما انتهت المعركة ومر على الشهيد طلحة الذي أصابه سهم غير مقصود فأصابه في قدمه مكان إصابة قديمة، فقال بعد أن أجلسه ومسح التراب عن وجهه: (( عزيز علي أن أراك مجدلا تحت نجوم السماء أبا محمد، وبكى علي رضي الله عنه وقال: وددت أني مت قبل هذا بعشرين سنة )) مختصر تاريخ دمشق ( 11 / 207 ) وأسد الغابة لابن الأثير ( 3 / 88 ) وقال البوصيري: (( رجاله ثقات )) كما نقله عنه ابن حجر في المطالب العالية. وهنا يقال لهؤلاء المشوهين لصورة أمنا عائشة: ها هو علي رضي الله عنه بكى أيضا فماذا تقولون رابعا: ينقل الأفَّاق في مقاله عن أم المؤمنين عائشة أنها قالت عن عثمان: (( اقتلوا نعثلا فقد كفر )) والجواب: هذا من الكذب على أم المؤمنين، فلم يثبت عنها هذا الكلام أنها نطقت به، ولم يرو ذلك عنها إلا الشيعة الروافض الذين اتخذوا الكذب شعارا والتقية والنفاق دثارا. فكلمة ( نعثل ) لم ترد إلا على ألسنة قتلة عثمان رضي الله عنه فقد كان قتلة عثمان يسمونه بذلك تشبيها له برجل من مصر كان طويل اللحية اسمه نعثل ( تاريخ الطبري 4 / 365 )، ومما يؤكد براءتها أنها أنكرت قتل عثمان وذمت من قتله وبرئت إلى الله تعالى من قتله وممن قتله ( تاريخ خليفة بن خياط ص 175، 176 ). خامسا: وأما اتهامه لأم المؤمنين بأنها سَاعَدت على قتل علي حيث قال: (( فساعدت بني أمية سواء قصدت أم لم تقصد وساعدت على قتل علي سواء علمت أم لم تعلم )) والجواب عن هذه الفرية المفضوحة ـ فضح الله مفتريها ــ أن يقال: هل أم المؤمنين تآمرت مع الخوارج ضد علي ؟ والذين هم بالأساس شيعة علي الذين خرجوا عليه ودبروا لقتله على يد ابن ملجم. سبحانك هذا بهتان عظيم. سادسا: وأما دَعواه بأن هناك عداوة بين عائشة وعلي رضي الله عنهما وأنها غضبت وولولت لما جاءها الخبر بولايته ـ على حد تعبيره القبيح ـ فيرد عليه بهذه الصفعة: فالصديقة كانت تنكر وجود أية عداوة بينها وبين أمير المؤمنين علي وكانت تقول إثر موقعة الجمل: (( والله ما كان بيني وبين علي في القديم إلا ما يكون بين المرأة وإحمائها، وإنه عندي على معطبتي من الأخيار )) فأجابها رضي الله عنه أمام الناس ـ وهو الصادق فيما يقول ـ يا أيها الناس صدقت والله وبَرَّت ما كان بيني وبينها إلا ذلك وإنها لزوجة نبيكم في الدنيا والآخرة )) ( تاريخ الطبري 5 / 225 ). ومما يكبت خصوم الصحابة: ما رواه ابن أبي شيبة في روايته الطويلة أن الأخنف ابن قيس استشار طلحة والزبير وعائشة رضي الله عنهم فيمن يبايع بعد عثمان ؟ فكلهم قال (( نأمرك بعلي )) قال: وترضونه لي ؟ قال: نعم. قال الأخنف: فمررت على علي بالمدينة فبايعته ثم رجعت البصرة و).أرى إلا أن الأمر قد استقام)) وصحح الحافظ ابن حجر هذه الرواية في فتح الباري ( 13 / 29 ). وللمزيد للكلام على وقعة الجمل يراجع: العواصم من القواصم لابن العربي، وفتح الباري لابن حجر والصواعق المحرقة لابن حجر الهيتمي. وتبقى كلمة: عندما تعرض رئيس تحرير صحيفة الفجر العام الماضي للكلام على بعض معتقدات الأقباط مقارنة بعقائد المتصوفة قامت الدنيا ولم تقعد وقدموا فيه بلاغا للنائب العام ولم يرضوا إلا باعتذار واضح وصريح فكتبه صاغرا ولم يتردد ! وهنا نقول: لماذا يستأسد عادل حمودة على المشايخ والمحجبات ولا هَمَّ له إلا نشر صحافة الإثارة وأسرار البيوت، وتلفيق التهم والأكاذيب التي وصلت لأمنا عائشة رضي الله عنها. لا نريد منه اعتذارا وإنما الله تعالى ينتقم ـ بحوله وجبروته ـ لزوجة نبيه في الدنيا والآخرة والله الموعد وهو حسبنا ونعم الوكيل هل تستطيعون أيها الشيعة أن تجيبون على هذه الأسئلة؟لقد تنازل الحسين بن علي لمعاوية وسالمه، في وقت كان يجتمع عنده من الأنصار والجيوش ما يمكنه من مواصلة القتال. وخرج الحسين بن علي في قلة من أصحابه في وقت كان يمكنه فيه الموادعة والمسالمة ولا يخل أن يكون أحدهما على حق. والآخر على على باطل لأنه إن كان تنازل الحسن مع تمكنه من الحرب (حقا) كان خروج الحسين مجردا من القوة مع تمكنه من المسالمة (باطلا) وإن كان خروج الحسين مع ضعفه (حقا) كانت تنازل الحسن مع قوته (باطلا) و هذا يضعكم في موقف لا تحسدون عليه. لأنكم إن قلتم أنهما جميعا على حق جمعتم بين النقيضين وهذا القول يهدم أصولكم. وإن قلتم ببطلان فعل الحسن لزمكم أن تقولوا ببطلان إمامته و بطلان