السرقات الأدبية في ضوء الفقه والقانون
الدكتور عادل عامر
مقدمة وتمهيد:-
عقب انفتاح الأجواء كاملة لحرية الصحافة المتمثل بتوافر عشرات الصحف والمجلات ووسائل الإعلام المختلفة، كالانترنيت وعالمه الفسيح، غدت الأبواب مشرعة على سعتها للجميع لمن شاء الكتابة بشتى الاختصاصات في حقول الثقافة والأدب والمعرفة وفي موازاة هذا الفضاء المفتوح استفحلت وتفاقمت ظاهرة السرقات الأدبية والثقافية على نحو ملفت ليتحول إلى إشكالية خطيرة لا يمكن التغاضي عنها، وهي تطالعنا بين حين وآخر في هذه الصحيفة أو تلك، إذ يقوم بعض الطارئين وأدعياء الثقافة بانتحال جهد الآخرين وسرقة نتاج، ظنا منهم ان ليس ثمة من يتابع أو يقرأ ما يكتب وسط ركام الصحف وكثرة الأسماء وغياب الرقابة، بهدف الحصول على شهرة زائفة وكسب المال الحرام، وقد تفنن بعض هؤلاء اللصوص في أساليب السطو كالجمع بين مادتين أو أكثر أو إجراء تحويرات وتعديلات على النص ونسبها لنفسه. السرقات الأدبية أمر معروف وشائع ويتلخص في السطو على جهود الآخرين الأدبية ونسبها إلى اسم آخر. وهذا الفعل دليل واضح ليس على العجز والنضوب فحسب، بل على خسة أخلاقية خاصة حينما يكون هذا السطو على مجمل النص أسلوبا وفكرة ولغة. قد تقوم سرقات على الفكرة الرئيسة أو الأثيمة الأساسية للعمل أو بعض أجزائها وهذا الإجراء وان كان يترك أثاره على العمل المتبني للفكرة المسروقة ويصمه باللا أصالة، غير انه يبدو غير مرفوض تماما إذا ما عرفنا وحدانية الهم الإنساني وصدوره من منابع واحدة. لكنه مع هذا يبقى عملا غير أصيل ولا يدنو صاحبه إلى الفخر. إلا ان ما يجري في مشهدنا الثقافي تجاوز تلك الحدود وتوضح في صورة بشعة جدا فالساطون على جهود غيرهم قد لا يكلفون أنفسهم تجشم عناء إجراء تحويرات أو تعديلات ولو بسيطة على النص الأصل، بل يكتفون باستبدال عنوان العمل واسم صاحبه فقط. ان هذا الإجراء نتاج لجملة من العوامل يمكن إجمالها بما يأتي: منها إحساس الساطي بالعجز المطبق والنضوب في ينابيعه الإبداعية قد يجره إلى التجاوز على جهود غيره. يحصل هذا التجاوز في الأجواء التنافسية والمسابقات بخاصة. وعمومية الفوضى واللا انتظام غير ان انحطاط هذا العامل وتدنيه دعاني إلى جعله آخر المطاف. قد نعذر أديبا مبتدئا يسطو على ما أعجبه من إبداع الآخرين فينسبه إلى نفسه تحت عناوين التواصل وضمان النجاح أو الحلم به، لكنه عمل ممجوج تماما عندما يصدر من لدن أسماء سبق لها الإبداع واثبات الجدارة. على الرغم من ان هذه الظاهرة ليست ظاهرة مستحدثة، وإنما ظاهرة قديمة وعلى الرغم من ان البعض من النقاد والمشتغلين بالأدب حاولوا ان يجدوا لها أسماء أخرى وتبريرات كما فعلت الناقدة جوليا كرستيفا بإطلاق اسم”التناص “ على هذه الظاهرة، إلا أنها ظلت عاهة مستديمة في جسد الأدب والثقافة، وإذا تلطفنا بالنظر إلى هذه الظاهرة حين ينتحل احدهم بعض الأفكار فإننا لا نستطيع ان نتجاوز مسألة السطو بشكل كامل كانتحال اثر إبداعي أو أدبي، ان المشكلة كبيرة حقا ولا يمكن السيطرة على جزئياتها، ما لم يكن هناك رادع أدبي أو قانوني أو أخلاقي يقف حائلا بين من يمارس هذه الظاهرة، إذ يجب سن قانون أو تفعيل قانون الحماية الفكرية والأدبية للقضاء على مثل هذه الأساليب التي يلجأ إليها ”اللاأدباء “ ففي زحمة تعدد القنوات الإعلامية وتعود الصحف يصعب حقا على المتابع ان يمسك بخيوط هذه الفعلة اللااخلاقية وأرى أهمية تفعيل قانون النشر وحقوق الملكية الفكرية 0
**السرقات الأدبية مشكلة قديمة حاول البعض ان يهذبها بان قرر أنها توارد خواطر، وتوارد الخواطر يكون في كلمة أو في معنى لكن هل يكون في مقال أو قصيدة تنقل من جريدة إلى جريدة داخل البلد أو خارجه أنها مشكلة حقيقية ناتجة عن ان الكثير من المنابر الإعلامية تطالب أسماء بأعيانها بالكتابة لها وتتمل الأسماء الأهم التي يسطو البعض عليها، أو هي لاتلتفت إلى مقالة أو قصيدة بنشرها الكاتب في أكثر من منبر إعلامي نتيجة لتطفله على أكثر من منبر أو لان منبرا يهمل عمله شهورا ثم ينشره في وقت يكون قد أعطى العمل نفسه إلى منبر آخر، ان احترام المنابر الإعلامية للأدباء الجادين والتعامل معهم بالمستوى الذي يستحقه كل منهم من دون تفخيم سيعيد الحياة إلى مجاريها فان لم يعدها جميعا فقد يعيد اغلبها وأهمها إذ لن يضطر الأديب لا ينشر له أو لا ينشر إلا في صحف صغيرة ان يبيع أدبه أو ان يغض الطرق عما يسرق منه أدبه هذا من جانب ومن جانب آخر ينبغي تفعيل قانون الملكية الفكرية فبذلك يتمكن الأديب المغبون أو المسروق منه من المطالبة بحقه هذا يعطي ما يجب على المنابر الإعلامية والدولة فهل تلتفت إلى هذا كله وسواه للتخلص من الكثير من الطارئين على الأدب