الدكتور عادل عامر المدير العام
عدد الرسائل : 1585 العمر : 58 تاريخ التسجيل : 23/01/2009
| موضوع: ماذا يمكن أن يقول اوباما؟ الجمعة يونيو 05, 2009 8:06 am | |
| ماذا يمكن أن يقول اوباما؟ إذا أخذنا بعين الاعتبار أهمية توقيت الخطاب ومكان انعقاده و حساسية جغرافية المنطقة نستطيع أن نؤكد أن إدارة اوباما خططت لهذا الحدث بذكاء مطلق. فمصر وعاصمتها القاهرة هي الأنسب لمخاطبة العالم الإسلامي وليس أي دولة أخرى لأسباب عدة، من ضمنها الثقل الإقليمي لمصر في المنطقة التي تعد مركز النزاعات في العالم وأكثرها تعقيدا ودور مصر النشط في القضية الفلسطينية – قضية العرب والمسلمين الأولى ، اصل الخلاف التاريخي مع الولايات المتحدة. رغم أن الرئيس الأمريكي قرر زيارة المملكة العربية السعودية في طريقه إلى القاهرة ولقاء العاهل السعودي الملك عبد الله بن عبد العزيز، إلا أن الزيارة جاءت بتنسيق مصري أمريكي سعودي وهي تأكيد على وحدة موقف ما يسمى بمحور "الاعتدال" العربي. كما أن مصر هي الدولة الأولي التي وقعت اتفاقية سلام مع إسرائيل وهي الدولة التي تعتقد الولايات المتحدة انها وقفت في وجه حزب الله التي توقن الحكومة المصرية ومعها أمريكا انه الخطر الكبير على "المعتدلين" العرب لأنه امتداد لسياسات إيران التي ترفضها مصر وحلفائها. لكن الأهم في اختيار مصر هو الشارع المصري. الأمريكيون يعلمون جيدا أن الشارع المصري هو "الدينامو" المحرك للاحتجاجات في العالم العربي والإسلامي وهو الملهم للعرب في رفضهم للمخططات الغربية والإسرائيلية ضد العالم العربي والإسلامي. والراصد لحركة الشارع العربي في قضية نصرة الشعب الفلسطيني واحتلال العراق يجد أن المصريين هم دائما أول من يهب لنصرة الفلسطينيين والتضامن مع العراقيين وهكذا يتعامل المصريون مع كافة القضايا العربية. من هنا جاء اختيار إدارة اوباما لمصر لإلقاء خطابه "المفصلي" فهو ـ وبعد أن نضجت "طبخته" مع الرسميين العرب ـ يعلم جيدا أن مخططاته لن تنجح إلا بمخاطبة العالم الإسلامي من خلال المصريين وهو يعلم أيضا أن شعوب العالم الإسلامي تتطلع باهتمام إلى الجهود الأمريكية التي ستبذل في إيجاد حل دائم للصراع العربي الإسرائيلي تضمن الحقوق الشرعية للشعب الفلسطيني. يعلم اوباما جيدا انه إذا استطاع إقناع المسلمين ، وخصوصا المسلمين العرب، بالتزاماته لإنهاء ذلك الصراع يستطيع بالتالي قطع الطريق على حجة "القوى الممانعة" مثل إيران وسوريا ويعزز مكانة ومصداقية "القوى المعتدلة" مثل الأردن ومصر والسعودية. وبما أنه سيتكلم قبل أيام معدودة من الانتخابات البرلمانية اللبنانية وقبل أسبوعين من الانتخابات الرئاسية الإيرانية، فمن المؤكد أن اوباما يأمل بأن يؤثر على اللبنانيين والإيرانيين لإقناعهم لانتخاب ممثلين وقيادات ليكونوا حلفاء للتوجهات الغربية. لكن الرئيس اوباما يعلم أن نجاح مهمته في الشرق الأوسط مليئة بالقضايا الشائكة ولن يحلها خطاب. فهو معني بتوفير الدعم اللازم للنظام المصري، الحليف الإستراتيجي للولايات المتحدة. فرغم أن المحاكم المصرية أسقطت أحكاما ضد الناشط المصري سعد الدين إبراهيم ـ لاتهامه بـ"الخيانة" ـ وتم إطلاق سراح المعارض المصري أيمن نور فيما اعتبره البعض بوادر حسن نية، فهذه التطورات اعتبرت "هدايا رمزية" لإدارة اوباما لتجاهل انتقادات أصدرها مؤخرا أعضاء في الكونجرس الأمريكي الذين تربطهم علاقات وطيدة بهذين المعارضين. في الوقت نفسه ما زالت منظمات حقوق الإنسان تنتقد "انتهاكات" الحكومة المصرية لحقوق الإنسان. وهنا تكمن معضلة أخرى لأوباما تتمثل في أن خطابه يجب أن يوازن بين دعمه للنظام الحاكم في مصر وبين مطالبته لهذا النظام والأنظمة الأخرى في المنطقة كالسعودي والأردني مثلا لتطبيق سياسات أكثر انفتاحا وديمقراطية. فمن المتوقع أن يركز اوباما في خطابه على أن الحكومات في الشرق الأوسط ملزمة بحماية حقوق شعوبها المدنية والسياسية. وبهذا يجعل اوباما من خطابه "شعبيا" بمعنى الكلمة. الرئيس اوباما سيحاول إبعاد "العالم الإسلامي" عن "تهمة" ارتباطه بتنظيم القاعدة وحركة طالبان والتنظيمات المتشددة التي تسعى لتوحيد المسلمين تحت "دولة الخلافة" التي تحكم بالشريعة الإسلامية. ويتوقع أن يخاطب اوباما شعوب العالم الإسلامي كمواطنين في بلدانهم وليسوا كأعضاء في "العالم الإسلامي" الأمر الذي ركز عليه خلال خطابه في تركيا.النتيجة خطاب اوباما في مصر هو بالتأكيد لحظة مفصلية في تاريخ المنطقة وله هو شخصيا كأول رئيس أمريكي اسود شعاره "التغيير"، وهكذا يجب أن يكون. لأن التجربة أثبتت انه مهما يقدم من وعود ستكون اقل بكثير من التوقعات. فأغلبية شعوب المنطقة تؤمن أن مجرد موقف حازم يجبر الإسرائيليين على احترام الحقوق الشرعية للفلسطينيين سيعطي مصداقية للموقف الأمريكي ، بدون ذلك سيبقى الموقف الأمريكي مجرد علاقات عامة. في الوقت نفسه اوباما لا يستطيع أن يحقق السلام في المنطقة بدون ديمقراطية حقيقية في بلدان الشرق الأوسط. فحقوق الإنسان مسألة جوهرية لاستقرار ورفاهية شعوب المنطقة، كما انه لا يستطيع أن يغادر القاهرة بلا موقف حاسم من الصراع العربي الإسرائيلي. لذا فالمطلوب منه اليوم أن ينأى بإدارته عن كل تاريخ أمريكا الأسود وخصوصا إدارة سلفه جورج بوش التي تعتبر الأسوأ خصوصا فيما يتعلق بالعراق وأفغانستان وفلسطين. فأوباما يحتاج إلى ثلاث كلمات سر ليعبر إلى قلب العالم الإسلامي: الديمقراطية والعدالة ودولة فلسطينية. فهل سيجازف اوباما ويكمل العبور!؟ | |
|