الدكتور عادل عامر المدير العام
عدد الرسائل : 1585 العمر : 58 تاريخ التسجيل : 23/01/2009
| موضوع: عقيدة ولاية الفقيه عند الشيعة .. وأثرها في الواقع المعاصر الجمعة مايو 15, 2009 8:05 am | |
| عقيدة ولاية الفقيه عند الشيعة .. وأثرها في الواقع المعاصر الدكتور عادل عامر الحمدلله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أجمعين ... (مقدمة) للمعتقدات والأفكار أثر كبير في حياة البشر؛ إذ في سبيلها يسفكون دماءهم، ويسترخصون أنفسهم، ولأجلها يبذلون أموالهم، ولا يفكرون في أهلهم وأولادهم، سواء كان المعتقد حقا أم كان باطلا، وسواء كانت الفكرة صحيحة أم كانت خاطئة . والافتراق في الأمة بدأ بظهور الفرق الضالة من الشيعة والخوارج والقدرية وغيرها، وكل طائفة لزمت فكرة خاطئة بنت أصولها عليها حتى بَعُدَت عن الحق والهدى شيئا شيئا. (نشأة عقيدة الإمامة)على إثر مقتل الخليفتين الراشدين عثمانَ وعليٍّ رضي الله عنهما، وانتقال الخلافة إلى البيت الأموي بعد الصلح بين معاويةَ والحسنِ رضي الله عنهما، ثم مقتل الحسين رضي الله عنه بعد ذلك برزت فكرة خاطئة في الإمامة عند الرافضة، وبها سُمُّوا إمامية، ملخصها أن النبي صلى الله عليه وسلم قد عيَّن علياً للإمامة بالاسم والنص المباشر، وأن الإمامة تستمر في ابنيه الحسن والحسين، ثم من بعدهما في ذرية الحسين رضي الله عنه، وكلَّ إمام يوصي لمن بعده إلى أن تبلغ الإمامَ الثاني عشر وهو المهدي الغائب المنتظر، معتقدين عدم جواز خلو الأرض من قائم لله بالحجة وهو الإمام، ويجب أن يكون معصوما، وهو مشرِّعٌ عن الله تعالى يوحي إليه بالإلهام، ومبلِّغ عنه. ثم رتبوا الأئمة الاثني عشر ابتداء من علي رضي الله عنه؛ لعدم اعترافهم بإمامة الخلفاء الثلاثة قبله رضي الله عنهم، ويعدونهم مغتصبين لحق علي رضي الله عنه، وبلغوا بهم إلى الحادي عشر وهو الحسن العسكري الذي توفي في أواسط القرن الثالث الهجري ولم يوص بالإمامة من بعده، فاخترعوا ما سُمي بغيبة الإمام تماشيا مع هذا الظرف الطارئ، وزعموا أن للحسن ابنا يسمى محمدا، وأن أباه قد أخفاه، وكان في اختراع الغيبة الصغرى ثم الكبرى إنقاذٌ لعقيدتهم في الإمامة والأئمة، كما كان فيها إنشاءٌ لعقيدة الانتظار والتقية، ولكنَّ التحريف في المعتقدات لا بد أن يقود إلى التناقضات، كما وقع اليهود والنصارى في كثير من التناقضات لما حرفوا دينهم، والفرقة الإمامية نقضت باعتقادها غيْبة الإمام أصلَها الأول في الإمامة حين زعموا أنه لا يجوز أن تخلو الأرض من قائم لله تعالى بالحجة، فخلت الأرض منه؛ لأنه غائب. (لوازم الإمامة عند الشيعة)مع عقيدة الانتظار والتقية، حرَّم المذهبُ الإماميُ على أتباعه الاجتهاد في الأحكام، وعَطَّلهم عن مشاركة المسلمين في الشعائر الدينية كالجمعة والحج والجهاد، ؛ لأن ذلك كان خلف أئمة مغتصبين لا تجوز إمامتهم؛ وكانوا إذا فعلوا شيئا من الشعائر مع المسلمين فهو من باب التقية التي هي تسعة أعشار دينهم كما نصت عليها كتبهم؛ ولذلك لا نرى للإمامية عبر التاريخ الطويل جهادا ولا فتوحاً ولا قادةً ولا مشاركة في الدفع عن ديار المسلمين أثناء الاجتياح الصليبي والغزو التتري والاستعمار القديم والحديث؛ لاعتقادهم بعدم جواز فعل شيء من ذلك حتى يخرج الإمام محمد بن الحسن العسكري رحمه الله تعالى من غيبته الطويلة. (أثر الإمامة في التعامل مع الولاة)مع اعتقاد الإمامية ببطلان ولاة المسلمين على مرِّ التاريخ، وحكمهم عليهم بأنهم مغتصبون للإمامة فإنهم ما كانوا يرون الخروج عليهم، ليس ورعاً في ذلك، وإنما انطلاقا من عقيدة التقية والانتظار؛ إذ لا يحل لهم ذلك إلا خلف الإمام الغائب محمد بن الحسن، الذي سيُزيل دول الباطل، ويقيم دولة الحق، حتى إن الدول الباطنيةَ القرمطيةَ والبويهيةَ والعبيديةَ والصفويةَََََ وغيرها لما قامت ما كان علماء الإمامية يرون الاعتراف بها بناء على عقيدتهم في انتظار الإمام الغائب. (أزمة كذبة الإمامة وحلها من خلال كذبة جديدة)مع طول الغيبة، ومشقة الانتظار، وخوف إفلات الأتباع، وخشية ضعف المعتقد؛ بدأ المتأخرون من أئمتهم يتخففون من صرامة غلق باب الاجتهاد في الأحكام، وخرجوا عن خطِّ أئمتهم المتقدمين؛ لترسيخ معتقدهم، وتجديد مذهبهم الذي لم يعد صالحا مع تقادم الزمن، وبلغ التحريف أوجه في أوائل الدولة الصفوية في القرن العاشر حين أسبغ العالم الإمامي عليٌ الكركيُ الشرعية على حكم الشاه طهماسب الصفوي باسم نائب الإمام الفقيه، فانقلب على مذهبهم القاضي بأن حكم غير الإمام المنتظر محمد بن الحسن العسكري إنما هو غصب لا يعترف به، وتطورت نظرية إمامة الفقيه على أيدي المتعاقبين من علماء الإمامية إلى أن أكمل نظريتها أحمد النراقي في القرن الثالث عشر، وبلورها فيما سمي(ولاية الفقيه) مثبتا أن للفقيه ما للرسول وللإمام، وله أن يتصرف في الرعية وما يملكون كيف شاء، فجعل الفقيهَ يحل عمليا محل الإمام المعصوم المنتظر عندهم، ويأخذ خصائصه، ويقوم بأعماله، وتحولت عقيدة الانتظار إلى عقيدة شكلية بهذا الانقلاب المؤثر، والتحريف الكبير لعقائدهم؛ حتى قال عالمهم محمد النجفي:«لولا عموم الولاية (أي للفقهاء) لبقيت كثير من الأمور المتعلقة بشيعتهم معطلة». (ولاية الفقيه عند الخميني)فلما جاء الخميني الهالك اتكأ على مذهب ولاية الفقيه، وألف كتابه (الحكومة الإسلامية) ليثبت فيه أنه لا انتظار بعد اليوم، وقد آن الأوان لقيام الحكومة الإسلامية؛ لأن كل الحكومات القائمة عبر التاريخ ليست إسلامية، وقال في كتابه المذكور «لو قام الشخص الحائز لهاتين الخصلتين (العلم بالقانون والعدالة) بتأسيس الحكومة، تثبت له نفس الولاية التي كانت ثابتة للرسول الأكرم، ويجب على جميع الناس طاعته. فَتَوَهُمُ أن صلاحيات النبي في الحكم كانت أكثر من صلاحيات أمير المؤمنين، وصلاحياتِ أمير المؤمنين أكثر من صلاحيات الفقيه هو توهم خاطئ وباطل» وفي الدستور الذي وضعه لجمهوريتهم عقب الثورة هذا البند:«إن ولاية الفقيه سلطة إلهية أعطاها الله للفقيه عن طريق إرادة الشعب التي أقرها في الاستفتاء العام» فصار صاحب ولاية الفقيه هو المُشَرِّع وهو المعصوم، وهو القائم مقام الإمام المنتظر، الذي ضعفت الحاجة إليه مع هذا الانقلاب في المذهب؛ لأن الوالي الفقيه يقوم بأعماله، وتحددت معالم المرجعية الإمامية في الوالي الفقيه الذي أعطوه العصمة. وهكذا عالجوا الكذب بمثله فبموت الإمام العسكري ادعوا الغيبة الصغرى ثم جاءت الغيبة الكبرى لتستر انقطاع نسله ثم جاءت ولاية الفقيه لتنقذ دين التزوير من الاندراس ولتعلقه بالمرتزقة من سادتهم ومعمميهم . | |
|